يكون - صلى الله عليه وسلم - طولهما حين نهى الناس عن المتقدم على الإِمام، فعل ذلك ليعتادوا أن يسجدوا بعد سجود النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يتقدموا عليه، فنهاهم قولًا، وكفهم عنه فعلًا، على أن سائر الأحاديث التي فيها ذكر القوة والجلسة ليس فيها تطويل، فإن في حديث مسيء الصلاة:"ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اجلس حتى تطمئن جالسًا".
وكذلك حديث أبي حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه:"ثم يوفع رأسه ويقول: سمع الله لمن حمده، ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلًا"، وأيضًا فيه:"ثم يرفع رأسه ويثني رجله اليسرى، ويقعد عليها، ويفتح أصابع رجليه إذا سجد ثم يسجد".
هذه وغيرها من الروايات تدل على عدم تطويل القومة والجلسة، وحديث أنس هذا يدل على أن هذا التطويل منه - صلى الله عليه وسلم - كان على خلاف عادته المستمرة، لأنه لو كان معتادًا يفعله - صلى الله عليه وسلم - من الزمان المتقدم، لا يمكن أن يحمله أنس بن مالك على أنه - صلى الله عليه وسلم - أوهم، فحمله على أنه أوهم، فيه دليل صريح على أن هذا التطويل صدر منه في ذلك الوقت، وليس فيه ولا في غيره من الأحاديث ما يدل على أن هذا التطويل استمر بعده، ولعله لأجل هذا لم يأخذ به جمهور الأئمة، والله تعالى أعلم.
٨٥٣ - (حدثنا مسدد وأبو كامل، دخل حديث أحدهما في الآخر) أي لم يتميز بعض لفظ حديث أحدهما من لفظ حديث الآخر، بل الحديث المذكور مؤلف من لفظيهما (قالا: نا أبو عوانة، عن هلال بن أبي حميد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب قال: رمقت محمدًا - صلى الله عليه وسلم -) وهذا لفظ مسدد (وقال أبو كامل: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)، أي لفظ أبو كامل: