للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن أَبِيهِ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "اتَّقُوا اللَّاعِنَيْنِ". قَالُوا: وَمَا اللَّاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "الَّذِي يَتَخَلَّى في طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ ظِلِّهِمْ". [م ٢٦٩، حم ٢/ ٣٧٢، خزيمة ٦٧]

===

الحرقة، صدوق ربما وهم، وقال الدوري عن ابن معين: ليس حديثه بحجة، وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ليس بذاك، لم يزل الناس يتوقَّون حديثه، ووثّقه بعضهم، وقال الترمذي: هو ثقة عند أهل الحديث، مات سنة ١٣٢ هـ أو بعدها (عن أبيه) هو عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني، مولى الحُرقة، بضم المهملة وفتح الراء بعدها قاف، تابعي ثقة من أصحاب أبي هريرة.

(عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: اتقوا اللاعنين) هو تثنية الفاعل، فالفاعل إما بمعنى المفعول، كدافق بمعنى مدفوق، أو كالتامر واللَّابن، أي: ذو التمر واللبن، أو الفاعل على حقيقته يعني اللاعنين أنفسهما بالتسبيب فإنهما يفعلان ما ينجرُّ إلى اللعن، أو المعنى: اتقوا الفعلين اللاعنين اللذين هما سببا اللعن، وحينئذ يشكل الحمل وهو قوله: "الذي يتخلى"، فيحمل على المجاز.

(قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: الذي يتخلى في طريق الناس، أو ظلهم) أي يتغوط في محل يمر الناس فيه، فيتأذون به ويستقذرونه، وكذلك التغوط تحت شجرة أو غيرها يستظل الناس بظله (١)، فيتأذون به، والمراد بالظل ها هنا ما اتخذه الناس (٢) مقيلًا ومناخًا ينزلونه، فلا يحرم قضاء الحاجة بكل ظل، إذ قعد - صلى الله عليه وسلم - تحت حائش (٣) نخل، وكذلك حكم كل ما يقصدونه لنزولهم.


(١) وفي معناه الشجر المثمر وإن لم يستظل به، قاله ابن رسلان. (ش).
(٢) ثم النهي تنزيه، والظاهر التحريم لما فيه من إيذاء المسلمين، بسطه ابن رسلان. (ش).
(٣) قوله: الحائش: النخل الملتف المجتمع، كأنه لالتفافه يحوش بعضه إلى بعض، وأصله واوي، "النهاية" لابن الأثير (١/ ٤٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>