قَالَ:"دَخَلَ رَسُولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ قَضَى صَلَاتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ
===
(قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجد فإذا هو برجل) أي ملاقيه (قد قضى صلاته) أي قرب إتمام صلاته (وهو يتشهد) أي يقرأ التشهد (وهو يقول) وفي رواية النسائي: "فقال"، وهذا أوضح، فإنه دعا بعد التشهد.
(اللهم إني أسألك يا الله)، كرره لإظهار الذلة والافتقار وليجري عليه الصفات (الأحد)، وفي رواية النسائي: "الواحد الأحد"، وهكذا في رواية أحمد في "مسنده" بزيادة لفظ: "الواحد الأحد" أصله الوحد، والفرق بين الواحد والأحد أن الأحد شيء بني لنفي ما يذكر معه من العدد، والواحد لمفتتح العدد، واحد يصلح في الكلام في موضع الجحود، وواحد في موضع الإثبات، يقال: ما أتاني منهم أحد، فمعناه لا واحد أتاني ولا اثنان، وإذا قلت: جاءني منهم واحد، فمعناه أنه لم يأتني منهم اثنان، فهذا حد الأحد ما لم يضف، فإذا أضيف قرب من معنى الواحد، وذلك أنك تقول: قال أحد الثلاثة: كذا وكذا، وأنت تريد واحدًا من الثلاثة، روى الأزهري عن أبي العباس أنه سئل عن الآحاد أهي جمع الأحد؟ فقال: معاذ الله ليس للأحد جمع، ولكن إن جعلت جمع الواحد فهو محتمل مثل شاهد وأشهاد، قال: وليس للواحد تثنية ولا للاثنين واحد من جنسه.
(الصمد) هو السيد الذي قد كمل في جميع أنواع السؤدد، وقيل: هو المقصود إليه في الرغائب المستغاث به عند المصائب، تقول العرب: صمدت فلانًا أصمده صمدًا بسكون الميم، وقيل: هو الدائم الباقي بعد فناء خلقه، وقيل: الصمد الذي ليس فوقه أحد، وقيل: الذي لا تعتريه الآفات، وقيل: الذي لا عيب فيه، وقيل: تفسيره ما بعده، وهو الذي لم يلد ولم يولد، هكذا في "المعالم" بتغيير.
(الذي لم يلد ولم يولد) نفي لما قال مشركو العرب: الملائكة بنات الله، وما قال اليهود: عزير ابن الله، وما قالت النصارى: عيسى ابن الله، فأكذبهم الله ونفى عن ذاته الولادة والمماثلة.