باب من العلم، ما حدثت به أحدًا، فأتيت أيوب فذكرت هذا له، فقال: أما الآن فهو كذاب.
وقال جرير بن عبد الحميد عن ثعلبة: أردت جابرًا الجعفي، فقال لي ليث بن أبي سليم: لا تأته فإنه كذاب، قال جرير: لا أستحل أن أروي عنه، كان يؤمن بالرجعة، وقال أبو داود: ليس عندي بالقوي في حديثه.
وقال الشافعي: سمعت سفيان بن عيينة يقول: سمعت من جابر الجعفي كلامًا فبادرت خفت أن يقع علينا السقف، قال سفيان: كان يؤمن بالرجعة إلى آخر ما ذكره من جرحه.
ثم قال: فإن احتج محتج بأن شعبة والثوري رويا عنه؟ قلنا: الثوري ليس من مذهبه ترك الرواية عن الضعفاء، وأما شعبة وغيره فرأوا عنده أشياء لم يصبروا عنها، وكتبوها ليعرفوها، فربما ذكر أحدهم عنه الشيء بعد الشيء على جهة التعجب، أخبرني ابن فارس قال: ثنا محمد بن رافع قال: رأيت أحمد بن حنبل في مجلس زيد بن هارون، ومعه كتاب زهير عن جابر الجعفي، فقلت له: يا أبا عبد الله تنهونا عن جابر وتكتبونه؟ قال: لنعرفه.
وفي "الميزان": قاول زائدة: جابر الجعفي رافضي يشتم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال ابن حبان: كان سبائيًا من أصحاب عبد الله بن سبأ، كان يقول: إن عليًّا يرجع إلى الدنيا.
قلت: عندي أنه لما ثبت أنه كان رافضيًّا شديد الرفض، يشتم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويسبهم، فكان من مذهبه التقية، ففي ابتداء أمره كان يظهر منه الصلاح، وحسن حاله تقية ليغتر منه الناس فاغتر به بعض المحدثين، ولما ظهر من أمره ما ظهر تركه الناس وجرحوه بجرح مفسر، فلا يغتر برواية شعبة وسفيان وغيرهما، فإنهم رووا بناء على ما ظهر لهم من حسن السمت والصلاح، ثم لما اطلعوا على حقيقة أمره تركوه.