للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقال أيضًا: قيل: كانت هذه القضية قبل تحريم الكلام في الصلاة، ثم رده بقوله أن سليكًا متأخر الإِسلام جدًا، وتحريم الكلام متقدم جدًا، فكيف يدعي نسخ المتأخر بالمتقدم مع أن النسخ لا يثبت بالاحتمال؟ .

قلت: لم يقل أحد إن قضية سليك كان قبل تحريم الكلام في الصلاة، وإنما قال هذا القائل: إن قضية سليك كانت في حالة إباحة الأفعال في الخطبة قبل أن ينهى عنها، ألا يرى أن في حديث أبي سعيد الخدري: فألقى الناس ثيابهم، وقد أجمع المسلمون أن نزع الرجل ثوبه والإمام يخطب مكروه، وكذلك مس الحصى، وقول الرجل لصاحبه: أنصت، كل ذلك مكروه، فدل ذلك أن ما أمر به - صلى الله عليه وسلم - سليكًا، وما أمر به الناس بالصدقة عليه كان في حال إباحة الأفعال في الخطبة. ولما أمر - صلى الله عليه وسلم - بالإنصات عند الخطبة وجعل حكم الخطبة كحكم الصلاة، وجعل الكلام فيها لغوًا كما كان، جعله لغوًا في الصلاة، ثبت بذلك أن الصلاة فيها مكروهة، فهذا وجه قول القائل بالنسخ، ومبنى كلامه هذا على هذا الوجه لا على تحريم الكلام في الصلاة.

وقال هذا القائل أيضًا: قيل: اتفقوا على أن منع الصلاة في الأوقات المكروهة يستوي فيه من كان داخل المسجد أو خارجه، وقد اتفقوا على أن من كان داخل المسجد يمتنع عليه التنفل حال الخطبة، فيكون الآتي كذلك، قاله الطحاوي (١).

وتعقب بأنه قياس في مقابلة النص، فهو فاسد، قلت: لم يبن الطحاوي كلامه ابتداء على القياس حتى يكون ما قاله قياسًا في مقابلة النص، وتحرير كلام الطحاوي أنه روى أحاديث عن سليمان وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وأوس بن أوس -رضي الله تعالى عنهم- كلها تأمر بالإنصات إذا خطب الإِمام، فتدل كلها أن موضع كلام الإِمام ليس بموضع


(١) انظر: "شرح معاني الآثار" (١/ ٣٦٧، ٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>