للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال الحافظ (١): ثم إن ظاهر قوله: "فقلب رداءه" أن التحويل وقع بعد فراغ الاستسقاء، وليس كذلك، بل المعنى فقلب رداءه في أثناء الاستقساء وقد بينه مالك في روايته المذكورة ولفظه: "حوَّل رداءه حين استقبل القبلة"، ولمسلم من رواية يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد: "وأنه لما أراد أن يدعو استقبل القبلة وحول رداءه"، وأصله للمصنف كما سيأتي بعد أبواب، وله من رواية الزهري عن عباد: "فقام فدعا الله قائمًا ثم توجه قبل القبلة، وحول رداءه"، فعرف بذلك أن التحويل وقع في أثناء الخطبة عند إرادة الدعاء، انتهى.

قلت: وهو مذهب الحنفية في ذلك، فإنهم قالوا: إنه يقلب في أثناء خطبته.

قال في "البدائع" (٢): وعندهما يقلب إذا مضى صدر من خطبته، ولكن يشكل هذا بما في "أبي داود" من "أنه لما أراد أن يدعو استقبل القبلة، ثم حول رداءه"، وفي أخرى له: "وحول رداءه حين استقبل القبلة"، فهذان اللفظان يدلان على أنه وقع تحويل الرداء بعد استقبال القبلة، واستقبال القبلة للدعاء بعد الخطبة, لأن الخطبة لم تكن إلَّا باستقبال الإِمام للناس واستدبار القبلة، فلما استقبل القبلة فكان الخطبة أتمها، فلا يكون التحويل إلَّا بعد الخطبة، لا في أثنائها.

ويمكن أن يوجه قوله: "حين استقبل القبلة" أي حين أراد استقبال القبلة، وكذلك قوله: "ثم حول رداءه" يحمل فيه "ثم" بمعنى الواو، يدل عليه ما رواه مسلم (٣) من رواية يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد: "وأنه لما أراد أن يدعو استقبل القبلة، وحول رداءه" بحرف الواو.


(١) "فتح الباري" (٢/ ٤٩٨).
(٢) "بدائع الصنائع" (١/ ٦٣٤).
(٣) "صحيح مسلم" (٨٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>