للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قلت: قال أبو عيسى (١): حديث ابن عباس قد روي عنه من غير وجه، رواه جابر بن زيد، وسعيد بن جبير، وعبد الله بن شقيق العقيلي، ثم قال: والعمل على هذا عند أهل العلم أن لا يجمع بين الصلاتين إلَّا في السفر أو بعرفة، ورخص بعض أهل العلم من التابعين في الجمع بين الصلاتين للمريض، وبه يقول أحمد وإسحاق.

وقال بعض أهل العلم: يجمع بين الصلاتين في المطر، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق، ولم ير الشافعي للمريض أن يجمع بين الصلاتين، انتهى.

قال الشوكاني (٢): والتخفيف في تأخير إحدى الصلاتين إلى آخر وقتها، وفعل الأولى في أول وقتها متحقق بالنسبة إلى فعل كل واحدة منهما في أول وقتها، كما كان [ذلك] ديدنه - صلى الله عليه وسلم -[حتى] قالت عائشة: "ما صلَّى صلاة لآخر وقتها مرتين حتى قبضه الله تعالى"، ولا يشك منصف أن فعل الصلاتين في دفعة والخروج إليه مرة أخفُّ من خلافه وأيسر، وبهذا يندفع ما قاله الحافظ في "الفتح": إن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لئلا تحرج أمتي" يقدح في حمله على الجمع الصوري لأن القصد إليه لا يخلو عن حرج.

فإن قلت: الجمع الصوري هو فعل لكل واحدة من الصلاتين المجموعتين في وقتها فلا يكون رخصة بل عزيمة، فأي فائدة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لئلا تحرج أمته"، مع شمول الأحاديث المعينة للوقت للجمع الصوري؟ وهل حمل الجمع على ما شملته أحاديث التوقيت إلَّا من باب الاطراح لفائدة وإلغاء مضمونه؟ .

قلت: إن الأقوال الصادرة منه - صلى الله عليه وسلم - شاملة للجمع الصوري، كما ذكرت، فلا يصح أن يكون رفع الحرج منسوبًا إليها، بل هو منسوب إلى الأفعال، ليس إلَّا لما عرفناك من أنه - صلى الله عليه وسلم - ما صلَّى صلاة لآخر وقتها مرتين، فربما ظن ظانٌ أن


(١) انظر: "سنن الترمذي" (١/ ٣٥٥).
(٢) "نيل الأوطار" (٣/ ٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>