فعلى هذا ما قال صاحب "غاية المقصود" وتبعه صاحب "عون المعبود" - فقالا: فلا حاجة إلى تقدير العبارة بأن يقال: أي عند وضوء كل صلاة، كما قدرها بعض الحنفية، بل في هذا رد السنَّة الصحيحة الصريحة، وهي السواك عند الصلاة، وعلل بأنه لا ينبغي عمله في المساجد, لأنه من إزالة المستقذرات، وهذا التعليل مردود ... إلخ -، فمردود عليهما، وغلط وباطل، فإن في هذا ليس رد السنَّة مطلقًا، وحاشاهم أن يردوا السنَّة، بل في هذا جمع بين الأحاديث، وعملٌ على جميعها، وإتيانٌ بالمندوب، واجتناب عن المكروه.
نعم فيما قالاه ردٌّ للسنن الصحيحة التي رواها إمامهم البخاري - رحمه الله - في "صحيحه"، وارتكاب للمكروه في إتيان المندوب مع أنهم لا يدرون عاقبة قولهم، ولا غرو أن الجهل وغلبة الهوى قد يوقع الإنسان فيما هو أشد وأقبح. وهذا على القول بالكراهة من بعضهم، وإلا فقد قلنا: إن الاستياك عندنا أيضًا مستحب عند الصلاة، وفي غير وقت الصلاة، كما تقدم عن "التتارخانية"، وقد حققه الشامي في "رد المحتار".
وأما ما أخرجه البيهقي (١) من طريق ابن إسحاق عن أبي جعفر عن جابر بن عبد الله قال: كان السواك من أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - موضع القلم من أذن الكاتب، فلا حجة فيه، فإن البيهقي حكم عليه بالضعف، فإنه قال: لم يروه عن سفيان إلَّا يحيى بن اليمان، ويحيى بن اليمان ليس بالقوي عندهم، ومع هذا فلا دليل فيه على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استاك عند الصلاة.