للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَقُولُ: إِنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ. قَالَ الْمُخْدَجِيُّ: فَرُحْتُ إِلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ عُبَادَةُ: كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ

===

(يقول: إن الوتر واجب) قال الزرقاني: وبه قال ابن المسيب وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود والضحاك، رواه ابن أبي شيبة عنهم، وأخرج عن مجاهد: "الوتر واجب ولم يكتب ونقله ابن العربي عن أصبغ وسحنون وكأنهما أخذاه من قول مالك: من تَرَكه أُدِّب، وكان جرحة في شهادته، كذا في "الفتح" (١)، وقال ابن زرقون: قال سحنون: يجرح تارك الوتر، وقال أصبغ: يؤدب تاركه فجعلاه واجبًا.

(قال المخدجي: فرحت إلى عبادة بن الصامت، فأخبرته، فقال عبادة: كذب أبو محمد)

قال الزرقاني (٢): قال الباجي: أي وهم وغلط، والكذب ثلاثة أوجه: أحدها على وجه السهو فيما خفي عليه ولا إثم فيه، والثاني أن يعمده فيما لا يحل فيه الصدق كأن يسأل عن رجل يراد قتله ظلمًا، فيجب الكذب ولا يخبر بموضعه، والثالث يأثم فيه صاحبه وهو قصد الكذب فيما يحرم فيه قصده.

(سمعت رسول الله يقول: خمس صلوات كتبهن) أي فرضهن (الله على العباد) فأفاد أنه لم يكتب غيرهن ومنه الوتر (فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئًا استخفافًا بحقهن)، قال الباجي (٣): احترازًا من السهو والنسيان الذي لا يمكن لأحد الاحتراز منه إلَّا من خصه الله تعالى بالعصمة، وقال ابن عبد البر: ذهبت طائفة إلى أن التضييع اليسار إليه هنا أن لا يقيم حدودها من مراعاة وقت


(١) "فتح الباري" (٢/ ٤٨٩).
(٢) "شرح الزرقاني" (١/ ٢٥٥).
(٣) "المنتقى" (٢/ ١٧٣)، و"شرح الزرقاني" (١/ ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>