للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَوْتَرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَوَسَطَهُ، وَآخِرَهُ، وَلَكِنِ انْتَهَى وِتْرُهُ حِينَ مَاتَ إِلَى السَّحَرِ". [خ ٩٩٦، م ٧٤٥، ت ٤٥٦، ن ١٦٨١، جه ١١٨، حم ٦/ ٤٦، ق ٣/ ٣٥]

===

العشاء (أوتر أول (١) الليل) أي أوتر في أول الليل بعد العشاء (ووسطه) هكذا في نسخ أبي داود، وفي بعض الكتب "وأوسطه"، أي أوتر في وسطه (وآخره) أي أوتر في آخره (ولكن انتهى وتره حين (٢) مات) أي قبل وفاته - صلى الله عليه وسلم - (إلى السحر) أي قبيل الفجر، فالوتر فيه أفضل.

قال في "البدائع" (٣): وأما بيان وقته فالكلام فيه في موضعين: أحدهما في بيان أصل الوقت، وفي بيان الوقت المستحب، أما أصل الوقت فوقت العشاء عند أبي حنيفة، إلا أنه شرع مرتبًا عليه حتى لا يجوز أداؤه قبل صلاة العشاء مع أنه وقته لعدم شرطه وهو الترتيب، إلَّا إذا كان ناسيًا كوقت أداء الوقتية وهو وقت الفائتة لكن شرع مرتبًا عليه، وعند أبي يوسف ومحمد والشافعي وقته بعد أداء صلاة العشاء، وهذا بناءً على ما ذكرنا أنّ الوتر واجب عند أبي حنيفة وعندهم سنَّة.

والدليل على أن وقته ما ذكرنا، لا ما بعد فعل العشاء أنه لو لم يصل العشاء حتى طلع الفجر، لزمه قضاء الوتر كما يلزمه قضاء العشاء، ولو كان وقتها ذلك لما وجب قضاء الوتر، إذ لم يتحقق وقتها لاستحالة تحقق ما بعد فعل العشاء بدون فعل العشاء.

وأما الوقت المستحب للوتر فهو آخر الليل، لما روي عن عائشة - رضي الله عنها - أنها سئلت عن وتر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: "كان تارةً يوتر أول الليل"


(١) مقتضاه العموم، لكن الإجماع على أنه بعد مغيب الشفق، كذا في "الفتح" (٢/ ٤٨٦). (ش).
(٢) ليس في البخاري هذا اللفظ، فقال الشيخ في "التراجم" (٣/ ٢٢): للحديث معنيان: أحدهما أنه عليه السلام في آخر زمانه كان يوتر في السحر، والثاني لا يتجاوز وقته عن السحر، انتهى، وهذا الثاني لا يتمشى في حديث أبي داود. (ش).
(٣) "بدائع الصنائع" (١/ ٦١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>