وقال آخرون: استأثر الله تعالى بعلم الاسم الأعظم، ولم يطلع عليه أحد، وأثبته آخرون، واضطربت أقوالهم في ذلك كما ذكرنا بعضها، انتهى بلفظه.
١٤٩٧ - (حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا حفص بن غياث، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء، عن عائشة قال: سرقت ملحفة لها) قال في "القاموس": وككتاب: ما يلتحف به، واللباس فوق سائر اللباس من دثار البرد ونحوه كالملحفة (فجعلت تدعو على من سرقها، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا تسبخي عنه).
ليس غرضه - صلى الله عليه وسلم - بهذا الكلام النهي عن التخفيف وإبقاء كل الإثم على السارق، لأن خلقه - صلى الله عليه وسلم - ورأفته على الأمة ينافي ذلك، بل غرضه - صلى الله عليه وسلم - عفو السارق بالكلية، وكفُّ عائشة - رضي الله عنها - عن سبِّ السارق، فإن السَبَّ والسرقة توزنان، فإذا كان السبُّ أقلَّ من السرقة بقي شيء من حقها على السارق، وإذا كانت السرقة أقل من السب وزاد السب عليها عاد حق السارق عليها، وإذا تساويا لم يبق لأحدهما حق على الآخر، فلذا أشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى العفو، لأن فيه عظيم الأجر.
وكتب مولانا الشيخ محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه - رحمه الله تعالى- قوله:"لا تسبخي عنه" إذ لا شك أن سبها يوزن كما توزن سرقة السارق، فما وازاه منه سقط، ولم يكن ذلك تعليمًا لعدم التسبيخ، بل للعفو كلية وإن لم يذكره الراوي، فكأنه نظر لهما معًا. فإن المسروق منه إذا عفا كان أعظم لأجره مما إذا عفا بعد سبه وشتمه، والسارق لعله لا يكفي السب قدر السرقة من الإثم، فيؤاخذ بالآخرة، ولا كذلك إذا عفا عنه بالكلية، فكان ذلك أفيد لهما، انتهى.