للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والزكاة أمر مقطوع به في الشرع يستغنى عن تكلف الاحتجاج له، وإنما وقع الاختلاف في بعض فروعه، وأما أصل فرضية الزكاة: "فمن جحدها كفر".

واختُلِفَ في أول وقت فرض الزكاة، فذهب الأكثر إلى أنه وقع بعد الهجرة فقيل: كان في السنة الثانية قبلَ فرضِ رمضانَ، أشار إليه النووي في باب السير من "الروضة"، وجزم ابن الأثير في "التاريخ" بأن ذلك كان في التاسعة، وفيه نظر، فقد تقدم في حديث ضمام (١) بن ثعلبة، وفي حديث وفد عبد (٢) القيس، وفي عدة أحاديث ذكرُ الزكاةِ، وكذا مخاطبة (٣) أبي سفيان مع هرقل، وكانت في أول السابعة، وقال فيها: "يأمرنا بالزكاة"، لكن يمكن تأويل كل ذلك كما سيأتي في آخر الكلام.

وقوى بعضهم ما ذهب إليه ابن الأثير بما وقع في قصة ثعلبة بن حاطب المطولةِ ففيها: لما أُنْزِلَتْ آيةُ الصدقة بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - عاملًا فقال: "ما هذه إلَّا جزية وأخت الجزية"، والجزية إنما وجبت في التاسعة، فتكون الزكاة في التاسعة، لكنه حديث ضعيف لا يُحْتَجُّ به.

وادعى ابن خزيمة (٤) في "صحيحه" أن فرضها كان قبل الهجرة، واحتج بما أخرجه من حديث أم سلمة في قصة هجرتهم إلى الحبشة، وفيها أن جعفر بن أبي طالب قال للنجاشي في جملة ما أخبره به عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ويأمرنا بالصلاة، والزكاة، والصيام"، وفي استدلاله بذلك نظر؛ لأن الصلواتِ الخمس لم تكن فُرِضَتْ بعدُ، ولا صيامَ رمضان فيحتمل أن تكون مراجعةُ جعفر لم تكن في أول ما قدم على النجاشي، وإنما أخبره بذلك بعد مدة قد وقع فيها ما ذكر من


(١) أخرجه أحمد (٣/ ١٤٣)، ومسلم (١٢)، والبخاري (٦٣)، والترمذي (٦١٩)، والنسائي (٤٥٨)، والدارمي (٦٥٤)، وابن ماجه (١٤٠٢).
(٢) أخرجه مسلم (١٧).
(٣) أخرجه البخاري (٧)، ومسلم (١٧٧٣).
(٤) انظر: "صحيح ابن خزيمة" (٢٢٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>