للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في وَجْهِهِ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا الْغِنَى؟ قَالَ: "خَمْسُونَ دِرْهَمًا، أَوْ قِيمَتُهَا مِنَ الذَّهَبِ". [ن ٢٥٩٢، جه ١٨٤٠، حم ١/ ٤٤١]

===

إذ الخمش في الوجه، والخدش في الجلد، والكدح فوق الجلد، وقيل: الخدش قشر الجلد بالعود، والخمش قشره بالأظفار، والكدح العض، وهي في أصلها مصادر، ولكنها لما جعلت أسماء للآثار جمعت.

(في وجهه، فقيل: يا رسول الله! وما الغنى؟ ) أي كم هو؟ (قال: خمسون درهمًا، أو قيمتها) أي قيمة خمسين درهمًا (من الذهب) قال القاري (١): قال الطيبي: قيل: ظاهره أن من ملك خمسين درهمًا، أو قيمتها من جنس آخر فهو غني يحرم عليه السؤالُ وأخذُ الصدقة، وبه قال ابن المبارك وأحمد وإسحاق.

والظاهر أن من وجد قدر ما يغديه ويعشيه على دائم الأوقات أو في أغلبها فهو غني، كما ذكر في الحديث، سواء حصل له ذلك بكسب يد أو تجارة، لكن لما كان الغالب فيهم التجارة، وكان هذا القدر - أعني خمسين درهمًا- كافيًا لرأس المال قدر به تخمينًا، وبما يقرب منه في الحديث، أعني الأوقية، وهي يومئذ أربعون درهمًا، فلا نسخ في الأحاديث، وقيل: حديث ما يغنيه منسوخ بحديث الأوقية، وهو منسوخ بحديث خمسين، وهو منسوخ بما روي مرسلًا: "من سأل الناس وعنده عدل خمس أواق فقد سأل إلحافًا"، وعليه أبو حنيفة، انتهى.

وتقدم أن في مذهبه من ملك مائتي درهم يحرم عليه أخذ الصدقة، ومن ملك قوت يوم يحرم عليه السؤال، ففرق بين الأخذ والسؤال، فما نسب إليه غير صحيح، والأنسب بمسألة تحريم السؤال أن يكون أمر النسخ بالعكس، بأن نسخ الأكثر فالأكثر إلى أن تقرر أن من عنده ما يغديه ويعشيه يحرم عليه السؤال، فيكون الحكم تدريجيًّا بمقتضى الحكم، كما وقع في تحريم الخمر،


(١) "مرقاة المفاتيح" (٤/ ٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>