حماد بن سلمة: وخالفه حماد بن زيد فرواه عن عاصم بن المنذر عن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه موقوفًا غير مرفوع، وكذلك رواه إسماعيل بن علية [عن عاصم بن المنذر] عن رجل لم يسمه عن ابن عمر موقوفًا أيضًا، انتهى. فعُلِم بهذا أن هذه العبارة الموجودة في بعض النسخ معناها صحيح.
وحاصل المعنى: أن عاصم بن المنذر روى عنه حماد بن سلمة وحماد بن زيد هذا الحديث، فرفعه حماد بن سلمة، ووقفه حماد بن زيد، فاختلف الحمادان في رفعه ووقفه، والدارقطني قوى الرواية الموقوفة برواية إسماعيل بن علية، فالظاهر أن كونه موقوفًا أقوى من المرفوع، فالعجب من الذين يحكمون على هذا الحديث بالصحة من المحدثين، كيف يحكمون عليه بكونه صحيحًا على خلاف أصولهم؟ فإن الصحة درجة رفيعة لا يبلغها، إلَّا بعد تحقق جميع أجزائها وشروطها، وهو بعد في حيز المنع، كما سبقت الإشارة إليه، ولو سُلّم فكم من حديث بلغ درجة الصحة لا يكون موجباً للعمل، إلَّا بعد ارتفاع الموانع، مثلًا لو كان الحديث منسوخًا أو مجملًا وإن كان صحيحًا لا يوجب العمل.
ووجه مناسبة الحديث بترجمة الباب بأنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الماء وعما ينوبه من الدواب والسباع، فهذا يدل على أن دخول الدواب في الماء يُنَجّسُه, لأنها تبول فيه غالبًا، وأيضًا تكون أكارعها ملطخةً بالبول، وكذلك السباع إذا وردت الماء وشربت فسؤرها نجس , فدل هذا الحديث أن هذه تُنَجِّسُ الماء، فإنه ورد السؤال عنها، وخرج عن جوابه - صلى الله عليه وسلم - بطريق المفهوم أن الماء إذا خالطه هذه الأشياء وكان أقل من قلتين ينجس , والله أعلم بالصواب.