للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والنوع الثاني، وهو: ما يعلم أن صاحبه يطلبه فمن يرفعه فعليه أن يحفظه ويعرِّفه ليوصله إلى صاحبه، وروي عن إبراهيم النخعي قال: يعرِّفها حولًا فإن جاء صاحبها وإلَّا تصدق بها، فإن جاء صاحبها فهو بالخيار، إن شاء أنفذ الصدقة، وإن شاء ضمنه.

والتقدير بالحول ليس بعام لازم في كل شيء، وإنما يعرفها مدة يتوهم أن صاحبها يطلبها، وذلك يختلف بقلة المال وكثرته، حتى قالوا في عشرة دراهم فصاعدًا: يعرفها حولًا؛ لأن هذا مال خطير يتعلق القطع بسرقته، والحول الكامل لذلك حسن، وفيما دون العشرة إلى ثلاثة: يعرفها شهرًا، وفيما دون ذلك إلى الدرهم: يعرفها جمعة، وفيما دون الدرهم يعرف يومًا، وفي فلس أو نحوه: ينظر يمنة ويسرة، ثم يضعه في كف فقير، وشيء من هذا ليس بتقدير لازم, لأن نصب المقادير بالرأي لا يكون، ولكنا نعلم أن التعريف بناء على طلب صاحب اللقطة، ولا طريق له إلى معرفة مدة طلبه حقيقة، فيبني على غالب رأيه.

ثم قال (١) في محل آخر: وفي الحديث الذي رواه أُبَيُّ بن كعب - رضي الله عنه - دليل لما قلنا: إن التقدير بالحول في التعريف ليس بلازم، ولكنه يعرفها بحسب ما يطلبها صاحبها، ألا ترى أن مائة دينار لما كانت مالًا عظيمًا كيف أمره - صلى الله عليه وسلم - بأن يعرفها ثلاث سنين، انتهى.

قلت: وهذه إحدى الروايات عن الحنفية اختارها شمس الأئمة السرخسي، وفيها روايتان أخريان، إحداهما: أنها إن كانت أقل من عشرة دراهم عرَّفها أيامًا، وإن كانت عشرة فصاعدًا عرفها حولًا، وثانيهما: قول محمد - رحمه الله - إذ قدَّره في الأصل بالحول عن غير تفصيل بين القليل والكثير.

ثم قال في "البدائع" (٢): وأما بيان أحوالها، فأما قبل الأخذ فلها أحوال مختلفة قد يكون مندوب الأخذ، وقد يكون مباح الأخذ، وقد يكون حرام الأخذ.


(١) انظر: "المبسوط" (١١/ ٥).
(٢) "بدائع الصنائع" (٥/ ٢٩٥، ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>