قلت: قال الطحاوي (١): قيل له: قد يجوز أن يكون الإفراد الذي ذكره هذا على معنى لا يخالف معنى ما روى الزهري، عن عروة، عن عائشة، وذلك أنه قد يجوز أن يكون الإفراد الذي ذكره القاسم، عن عائشة إنما أرادت به إفرادَ الحج في وقت ما أحرم به، وإن كان قد أحرم بعد خروجه منه بعمرة؛ فأرادت أنه لم يخلطه في وقت إحرامه به بإحرام بعمرة كما فعل غيره ممن كان معه.
وأما حديث محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة، عن عائشة؛ فإنها أخبرت أن منهم من أهلَّ بعمرة لا حجة معها، ومنهم من أهلَّ بحجة وعمرة يعني مقرونتين، ومنهم من أهلَّ بالحج، ولم يذكر في ذلك التمتع، فقد يجوز أن يكون الذين قد كانوا أحرموا بالعمرة أحرموا بعدها بحجة، ليس حديث هذا ينفي من ذلك شيئًا، وإنها قالت:"وأهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج مفردًا"، فقد يجوز أن يكون ذلك الحج المفرد بعد عمرة قد كانت تقدمت منه مفردة، فيكون قد أحرم بعمرة مفردة على ما في حديث القاسم ومحمد بن عبد الرحمن عن عروة، ثم أحرم بعد ذلك بحجة على ما في حديث الزهري عن عروة، حتى تتفق هذه الآثار ولا تتضاد.
١٧٧٨ - (حدثنا سليمان بن حرب، نا حماد بن زيد، ح: ونا موسى بن إسماعيل، نا حماد - يعني ابن سلمة-، ح: ونا موسى، نا وهيب) كلهم (عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موافين) بالِغين ومقاربين طلوعَ (هلال ذي الحجة)، فإنه - صلى الله عليه وسلم - خرج لخمس بقين