للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَنْ دَانَ دِينَهَا (١) يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ, وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ, وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَةَ. قَالَتْ: فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلَامُ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَأْتِىَ عَرَفَاتٍ فَيَقِفَ بِهَا, ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا, فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} (٢). [خ ٤٥٢٠، م ١٢١٩، ق ٥/ ١١٣، خزيمة ٣٠٥٨]

===

أو سميت بمصَغَّر القِرْشِ، وهو دابةٌ بحريةٌ تخافها دوابُّ البحر كلُّها، أو سميت بقُرَيْش بن مخلد بن غالب بن فهر، وكان صاحب عِيْرِهم، فكانوا يقولون: قَدِمَتْ عِيْرُ قُريش، وخرجتْ عيرُ قريش، والنسبة: قَرَشِيٌّ وقُرَيْشِىٌّ.

(ومن دان) أي اختار وتبع (دينها) أي طريقة قريش (يقفون بالمزدلفة) أي حين يقف الناس بعرفة في الحل، فإنهم كانوا لا يخرجون من الحرم (وكانوا) أي قريش (يسمون الحمس) (٣) جمع أحمس من الحماسة، بمعنى الشجاعة وهم قريش، ومن ولدته قريش وكنانة وجديلة قيس ومن تابعهم، سموا به لتحمُّسِهم في دينهم، أي: لشدتهم، أو لالتجائهم للحمساء، وهي الكعبة, لأن حجرها أبيض يضرب إلى السواد، وفيه إشارة إلى أنهم كانوا يفتخرون بشجاعتهم وجلادتهم قائلين بأنا أهل الحرم المحترم كالحمام، فلا نخرج إلى الوقوف كالعوام.

(وكان سائر العرب يقفون بعرفة) على العادة القديمة (قالت: فلما جاء الإِسلام أمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي عرفات) متابعة للأنبياء الكرام (فيقف بها) أي بعرفة (ثم يفيض) أي يدفع (منها) وأصله أفاض نفسه أو راحلته، ثم تُرِكَ المفعولُ رأسًا حتى صار كاللازم.

(فذلك قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا})، أي: ادفعوا وارجعوا ({مِنْ حَيثُ أَفَاضَ الناس}) أي: عاملوا معاملتهم، وفيه إيماء إلى خروج


(١) في نسخة: "بدينها".
(٢) سورة البقرة: الآية ١٩٩.
(٣) وكان العرب على دينين؛ الحمس والحلة، كما في "المسامرات" (١/ ١١٧). (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>