للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ رَاحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مُهَجِّرًا فَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ, ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ,

===

ونزول النبي - صلى الله عليه وسلم - بها لا نزاع فيه، وفي "المنهاج" للنووي: ويبيتون بها، فإذا طلعت الشمس قصدوا عرفات ولا يدخلونها، بل يقيمون بنمرة بقرب عرفات حتى تزول الشمس.

(حتى إذا كان عند صلاة الظهر) أي وقت زوال الشمس (راح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُهَجِّرًا) أي مبتكرًا ومبادرًا إلى الصلاة، أو معناه داخلًا بالهاجرة (فجمع بين الظهر والعصر).

واختلف في الجمع بين الصلاتين بعرفة هل هو للسفر أو للنسك؟ قال الحافظ (١): وقد ذهب الجمهور إلى أن ذلك الجمع المذكور يختص بمن يكون مسافرًا بشرطه، وعن مالك والأوزاعي وهو وجه للشافعية: أن الجمع بعرفة جمع للنسك، فيجوز لكل أحد، وروى ابن المنذر بإسناد صحيح عن القاسم بن محمد، سمعت ابن الزبير يقول: إن من سنَّة الحج أن الإِمام يروح إذا زالت الشمس فيخطب الناس، فإذا فرغ من خطبته نزل فصلَّى الظهر والعصر جميعًا.

قلت: وكذا عند الحنفية، قال القاري في "شرح المناسك" (٢): اعلم أن هذا الجمع للنسك عندنا، فيستوي فيه المسافر والمقيم، خلافًا للشافعي ومن تبعه في تخصيصه بالمسافر.

(ثم خطب الناس) وهذا مخالف لما تقدم أنه - صلى الله عليه وسلم - خطب قبل الصلاة، نقل في الحاشية عن "فتح الودود": وعلى حديث جابر عمل العلماء، قال ابن حزم: رواية ابن عمر لا تخلو عن أحد الوجهين لا ثالث لهما، إما أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب، كما روى جابر، ثم جمع بين الصلاتين، ثم كلم عليه الصلاة والسلام الناس ببعض ما يأمرهم، ويعظهم فيه، فسمَّى ذلك الكلام خطبة، فيتفق الحديثان بذلك، وهذا أحسن لمن فعله، فإن لم يكن فحديث ابن عمر وهم.


(١) "فتح الباري" (٣/ ٥١٣).
(٢) "شرح المناسك" (ص ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>