للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال النووي (١): معنى هذا الحديث أن الذين هاجروا يحرم عليهم استيطان مكة، وحكى عياض أنه قول الجمهور، قال: وأجازه لهم جماعة يعني بعد الفتح، فحملوا هذا القول على الزمن الذي كانت الهجرة المذكورة واجبة فيه، قال: واتفق الجميع على أن الهجرة قبل الفتح كانت واجبة عليهم، وأن سكنى المدينة كان واجبًا لنصرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومواساته بالنفس.

وأما غير المهاجرين فيجوز له سكنى أي بلد أراد، سواء مكة وغيرها بالاتفاق، انتهى كلام القاضي.

ويستنثى من ذلك من أذن له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإقامة في غير المدينة. وقال القرطبي: المراد بهذا الحديث من هاجر من مكة إلى المدينة لنصرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يعني به من هاجر من غيرها؛ لأنه خرج جوابًا عن سؤالهم لما تحرجوا من الإقامة بمكة، إذ كانوا قد تركوها لله تعالى.

قال: والخلاف الذي أشار إليه عياض كان فيمن مضى، وهل يبتني عليه خلاف فيمن فَرَّ بدينه من موضع يخاف أن يفتن فيه في دينه، فهل له أن يرجع إليه بعد انقضاء الفتنة؟ يمكن أن يقال: إن كان تركها لله كما فعله المهاجرون، فليس له أن يرجع لشيء من ذلك، وإن كان تركها فرارًا بدينه ليسلم له، ولم يقصد إلى تركها لذاتها، فله الرجوع إلى ذلك، انتهى. وهو حسن متجه.

قلت: ويؤيده ما أخرج النسائي (٢) من حديث ابن مسعود رفعه: "لعن الله آكل الربا ومؤكله" الحديث، وفيه: "والمرتد بعد هجرته أعرابيًا".


(١) راجع: "شرح صحيح مسلم" (٥/ ١٣٣).
(٢) "سنن النسائي" (٥١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>