للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ, فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ, لَا يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْلٌ وَلَا صَرْفٌ, وَمَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ

===

قال عياض: معنى القبول: لا يقبل قبول رضي وإن قبل قبول جزاء، وقيل: يكون القبول ههنا تكفير الذنب بهما، وقد يكون معنى الفدية أنه لا يجد يوم القيامة فدى يفتدي به بخلاف غيره من المذنبين بأن يفديه من النار يهودي أو نصراني، كما رواه مسلم من حديث أبي موسى الأشعري.

وفي الحديث ردٌّ لما تدعيه الشيعة بأنه كان عند علي وآل بيته من النبي - صلى الله عليه وسلم - أمور كثيرة، أعلمه بها سرًا، تشتمل على كثير من قواعد الدين وأمور الإمارة، ملتقط من "الفتح" (١) للحافظ.

(وذمة المسلمين) أي أمانهم أو عهدهم (واحدة يسعى بها) أي يتولاها (أدناهم) والمعنى أن ذمة المسلمين سواء، صدرت من واحد أو أكثر، شريف أو وضيع؛ فإذا أمن أحد من المسلمين كافرًا وأعطاه ذمته، لم يكن لأحد نقضُه، فيستوي في ذلك الرجلُ والمرأة، والحر والعبد؛ لأن المسلمين كنفس واحدة.

(فمن أخفر مسلمًا) أي نقض عهدَ مسلم (فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقبَلُ منه عدل ولا صرف، ومن وإلى قومًا بغير إذن مواليه)، إما أن يراد بالموالاة ولاء العتاقة، فلم يجعل الإذن شرطًا، وإنما هو لتأكيد التحريم؛ لأنه إذا استأذنهم في ذلك منعوه، وحالوا بينه وبين ذلك، قاله الخطابي (٢) وغيره. ويحتمل أن يكون كنى بذلك عن بيعه، فإذا وقع بيعه، جاز له الانتماء إلى مولاه الثاني، وهو غير مولاه الأول، أو المراد موالاة الحلف فإذا أراد الانتقال عنه لا ينتقل إلا بإذن (٣).


(١) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٨٦).
(٢) انظر: "معالم السنن" (٢/ ٢٢٤).
(٣) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>