للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي (١) حَيْثُ كُنْتُمْ". [حم ٢/ ٣٦٧]

===

وقال التوربشتي: ويحتمل أن يكون المراد أن من لم يصل في بيته جعل نفسه كالميت، وبيتَه كالقبر، انتهى.

وقد ورد ما يؤيد هذا، ففي "صحيح مسلم" (٢): "مثل البيت الذي يُذكَرُ الله فيه والبيت الذي لا يُذكَر الله فيه، كمثل الحي والميت"، فالمعنى لا تكونوا كالموتى الذين لا يصلون في بيوتهم وهي القبور، أو لا تتركوا الصلاة فيها حتى تصيروا كالموتى، وتصير هي كالقبور.

وقال بعض أرباب اللطائف: يحتمل أن يكون معناه: لا تجعلوا بيوتكم كالقبور خالية عن الأكل والشرب للزائرين، "قاري" (٣).

(ولا تجعلوا قبري عيدًا) هو واحد الأعياد، أي لا تجعلوا زيارة قبري عيدًا، أو لا تجعلوا قبري مظهر عيد؛ فإنه يوم لهو وسرور، وحال الزيارة خلاف ذلك، وقيل: يحتمل أن يكون المراد الحث على كثرة زيارته، ولا يجعل كالعيد الذي لا يأتي في العام إلَّا مرتين.

قال الطيبي: نهاهم عن الاجتماع لها اجتماعهم للعيد نزهة وزينة، وكانت اليهود والنصارى تفعل ذلك بقبور أنبيائهم، فأوردهم (٤) القسوة والغفلة، وقيل: العيد اسم من الاعتياد، يقال: عاده واعتاده وتعوَّده، أي صار عادة له، والعيد ما اعتادك من هَمٍّ أو غيره، أي لا تجعلوا قبري محل اعتياد، فإنه يؤدي إلى سوء الأدب وارتفاع الحشمة، ولئلا يظن أن دعاء الغائب لا يَصِلُ علي (وصَلُّوا عليَّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) أي لا تتكلفوا المعاودة إلى قبري فاستغنيتم عنها بالصلاة عليَّ.


(١) في نسخة: "تبلغ إليَّ".
(٢) رقم (٧٧٩).
(٣) "مرقاة المفاتيح" (٣/ ١٣، ١٤).
(٤) كذا في الأصل، وفي "شرح الطيبي" (٢/ ٣٦٣)، و"المرقاة" (٣/ ١٤): "فأورثهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>