للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن معارَض بهذا الحديث الصحيح مع كونه ضعيفًا باعتبار السند، فلا يحتج به.

قال النووي (١): هذا صريح في إبطال الحديث المروي في "سنن أبي داود" وغيره، المذكور فيه الوضوء بالنبيذ وحضور ابن مسعود معه - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، فإن هذا الحديث صحيح، وحديث النبيذ ضعيف، قلت: قد مرَّ الجواب عن ضعف الحديث.

وأما الجواب عن معارضة هذا الحديث بذاك أن ذهاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الجن وقع ست مرات، فيمكن أن يكون ابن مسعود معه في بعضها، ولم يكن معه في بعضها، كيف وقد ذكر الترمذي كونه معه وصححه، فقد أخرج الترمذي (٢) بسنده عن ابن مسعود قال: صلَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء ثم انصرف، فأخذ بيد ابن مسعود، حتى خرج به إلى بطحاء مكة فأجلسه، الحديث، وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

وأيضًا يمكن (٣) أن يجاب عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك ابن مسعود، وذهب بنفسه الشريفة في محل آخر، فلم يكن ابن مسعود معه - صلى الله عليه وسلم - في ذاك المحل، أي موضع تعليمه للجن، فلا معارضة في الحديثين، ألا ترى إلى ما أخرج الترمذي بسنده عن ابن عباس، قال: ما قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الجن ولا رآهم، وقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ عليهم وبلَّغهم وعلَّمهم، فكما هذه المعارضة مدفوعة بالتأويل، فكذلك هذا باختلاف الزمان والمكان، وأوَّلَ


(١) "شرح صحيح مسلم" (٤/ ١٦٩).
(٢) "سنن الترمذي" (ح ٢٨٦١).
(٣) وذكره ابن رسلان أيضًا عن بعض الحنفية، والحافظ في "الفتح" (٧/ ١٧٢) عن "البيهقي". (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>