ختن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابنته زينب، فإنه تزوَّج زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة، وهي أكبر بنات النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد أسر أبو العاص ببدر، وفدته زينب، فشرط النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرسلها إليه، فوفى له بذلك، وهذا معنى قوله:"وعدني فوفى لي"، ثم أسر أبو العاص مرة أخرى، فأجارته زينب، فأسلم، فردها النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى نكاحه.
(فأثنى عليه) أي على الصهر (في مصاهرته) أي: الصهر (إياه) أي: حسن معاملته رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فأحسن) أي الثناء عليه. (قال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (حدثني فصدقني) لعله شرط على نفسه أن لا يتزوج على زينب، (ووعدني فوفى لي) وهو إرسال زينب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم رجع إلى خِطبة علي (وإني لست أحرم حلالًا ولا أحل حرامًا) أي ليس التحليل والتحريم من نفسي، بل هو من الله تعالى، وهو يتولى أمر التحليل والتحريم، وأنا مبلغ لما ينزل إليَّ (ولكن والله لا تجتمع بنتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي فاطمة (وبنتُ عدوِّ الله) أي بنت أبي جهل (مكانًا واحدًا أبدًا).
قال الحافظ (١): وقال ابن التين: أصح ما تحمل عليه هذه القصة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرَّم على علي - رضي الله عنه - أن يجمع بين ابنته وابنة أبي جهل، لأنه علل بأن ذلك يؤذيه، وأذيته حرام بالاتفاق، ومعنى قوله:"لا أحرِّم حلالًا"، أي: هي له حلال لو لم تكن عنده فاطمة، وأما الجمع بينهما الذي يستلزم تأذي النبي - صلى الله عليه وسلم - لتأذي فاطمة به فلا، وزعم غيره أن السياق يشعر بأن ذلك مباح لعلي، لكنه منعه النبي - صلى الله عليه وسلم - رعاية لخاطر فاطمة، وقيل: هو ذلك امتثالًا