قال الترمذي بعد إخراج هذا الحديث: هذا حديث حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم، لا نعلم بينهم في ذلك اختلافًا، إذا زوَّج أحد الوليين قبل الآخر، فنكاح الأول جائز، ونكاح الآخر مفسوخ، وإذا زوَّجا جميعًا، فنكاحهما جميعًا مفسوخ، وهو قول الثوري وأحمد وإسحاق، انتهى.
قلت: وهكذا مذهب الحنفية في هذه المسألة. قال في "البدائع"(١): فأما إذا كانا في الدرجة سواء، كالأخوين وعمين ونحو ذلك، فلكل واحد منهما على حياله أن يزوج، رضي الآخر أو سخط، بعد أن كان التزويج من كفءٍ بمهر وافر.
وقال مالك: ليس لأحد الأولياء ولاية الإنكاح ما لم يجتمعوا، بناءً على أن هذه الولاية ولاية شركة عنده، وعندنا وعند العامة ولاية استبداد.
وجه قوله أن سبب هذه الولاية هو القرابة، وإنها مشتركةٌ بينهم، فكانت الولايةُ مشتركةً؛ لأن الحكم يثبت على وفق العلة، وصار كولاية المِلك؛ فإنَّ الجاريةَ بين اثنين، إذا زوَّجها أحدُهما لا يجوز من غير رضي الآخر، لِمَا قلنا، كذا هذا.
ولنا أن الولايةَ لا تتجزأ؛ لأنها ثبتتْ بسبب لا يتجزأ، وهو القرابة، وما لا يتجزأ إذا ثبت بجماعة سبب لا يتجزأ، يثبت لكل واحد منهم على الكمال؛ كأنه ليس معه غيره، كولاية الأمان، بخلاف ولاية الملك؛ لأن سبَبها المِلكُ، وأنه متجزأٌ، فيتقدر بقدر الملك.
فإنْ زوَّجها كل واحد من الوليين رجلًا على حدة، فإنْ وقع العقدان معًا، بطلا جميعًا؛ لأنه لا سبيل إلى الجمع بينهما؛ وليس أحدهما أولى من الآخر؛ وإن وَقَعَا مرتبًا، فإنْ كان لا يُدرى السابقُ، فكذلك لما قلنا؛ ولأنه لو جاز لجاز