للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

من تشاء، وتؤوي إليك من تشاء، أي جعله الله في حل من ذلك، أن يدع من يشاء منهن، ويأتي من يشاء منهن بغير قسم، ولكن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم.

وقيل: معناها تطلق، وتخلي سبيل من شئت من نسائك، وتمسك من شئت منهن، فلا تطلق.

وقيل: معناها تترك نكاح من شئت، وتنكح من شئت من نساء أمتك.

قال الطبري (١): وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن الله تعالى جعل لنبيه أن يرجي من النساء اللواتي أحلَّهن له من يشاء، ويؤوي إليه منهن من يشاء، وذلك أنه لم يحصر معنى الإرجاء والإيواء على المنكوحات اللواتي كن في حباله عندما نزلت هذه الآية، دون غيرهن ممن يستحدث إيواؤها أو إرجاؤها منهن. وإذا كان كذلك، فمعنى الكلام: تؤخر من تشاء ممن وهبت نفسها لك، وأحللت لك نكاحها، فلا تقبلها، ولا تنكحها، أو ممن هنَّ في حبالك، فلا تقربها، وتضم إليك من تشاء ممن وهبت نفسها لك، أو أردْتَ من النساء اللاتي أحللت لك نكاحهن، فتقبلها وتنكحها، وممن هي في حبالك، فتجامعها إذا شئت، وتتركها إذا شئت بغير قسم.

قال النووي (٢): واختلف العلماء في هذه الآية وهي قوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ}، فقيل: ناسخة لقوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} ومبيحة له أن يتزوج ما شاء، وقيل: بل نسخت تلك بالسنَّة. قال زيد بن أرقم: تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد نزول هذه الآية ميمونة ومليكة وصفية وجويرية، وقالت


= الشافعية وغيرهم مستدلًا بها، وصرح الدردير (٢/ ٢٢١) بعدم وجوب القسم، وحكى القسطلاني في "المواهب" (٧/ ١٧٨) عن الأكثر الوجوب، وفي "حاشية شرح الإقناع" (٣/ ٤٦٢) اختلاف وسيع بين الشافعية، وفي "الشامي" (٤/ ٣٨٥): لم يكن القسم واجبًا عليه، وتمامه في "البحر" (٣/ ٢٣٦). (ش).
(١) "تفسير الطبري" (٢٢/ ٣٣).
(٢) "شرح صحيح مسلم" (٥/ ٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>