للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال النووي (١): ومعناه: والمزوَّجات حرام على غير أزواجهن، إلَّا ما ملكتم بالسبي، فإنه ينفسخ نكاح زوجها الكافر، وتحل لكم إذا انقضى استبراؤها، والمراد بقوله: "إذا انقضت عدتهن"، أي: استبراؤهن، وهي بوضع الحمل عن الحامل، وبحيضة من الحائل.

واختلف العلماء في الأَمَة إذا بيعت، وهي مزوَّجة مسلمًا، هل ينفسخ النكاح، وتحل لمشتريها أم لا؟ فقال ابن عباس: ينفسخ لعموم قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (٢). وقال سائر العلماء: لا ينفسخ، وخصوا الآية بالمملوكة بالسبي.

قال المازري: هذا الخلاف مبني على أن العموم إذا خرج على سبب، هل يقصر على سببه أم لا؟ فمن قال: يقصر على سببه لم يكن فيه ها هنا حجة للمملوكة بالشراء؛ لأن التقدير: إلا ما ملكت أيمانكم بالسبي.

ومن قال: لا يقصر، بل يحمل على عمومه، قال: ينفسخ نكاح المملوكة بالشراء، ولكن ثبت في حديث شراء عائشة بريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خيَّر بريرة في زوجها، فدل على أنه لا ينفسخ بالشراء، ولكن هذا تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد، وفي جوازه خلاف.

وقال في "البدائع" (٣): ومنها: أن لا تكون منكوحة الغير، لقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ}، معطوفًا على قوله عزَّ وجلَّ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} إلى قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ}، وهن ذوات الأزواج، وسواء كان زوجها مسلمًا، أو كافرًا، إلا المَسْبِيَّة التي هي ذات زواج سُبيت وحدها؛ لأن قوله عزَّ وجلَّ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} في جميع ذوات الأزواج.


(١) "شرح صحيح مسلم" للنووي (٥/ ٢٩٢).
(٢) سورة النساء: الآية ٢٤.
(٣) "بدائع الصنائع" (٢/ ٥٤٨ - ٥٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>