أَنْ يَدَعَ شَيْئًا مِنْ أَمْرنَا إِلَّا خَالَفَنَا فِيهِ، فَجَاءَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْيرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْيَهُودَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا، أَفَلَا نَنْكِحُهُنَّ في الْمَحِيضِ، فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ (١) قَدْ وَجَدَ عَلَيْهِمَا،
===
التحقير، لإنكارهم نبوَّته، ولمخالفته إياهم (أن يدعَ) أي يترك (شيئًا من أمرنا) أي من أمور ديننا (إلَّا خالفنا) بفتح الفاء (فيه) أي إلَّا حال مخالفته إيانا فيه، يعني لا يترك أمرًا من أمورنا إلا مقرونًا بالمخالفة.
(فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالا: يا رسول الله، إن اليهود تقول كذا وكذا)، والظاهر أنه إشارة إلى الكلام السابق الذي صدر من اليهود (أفلا ننكحهن في المحيض).
كتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه: أنه فيه توجيهان: أحدهما: أن يكون المقصود استجازة الجماع، واستباحته، تقصيًا في الخلاف، أي ليكون المخالفة تامة. وثانيهما: أن يكون المقصود ترك معاملة النكاح، وأن يصيروا كما كانوا عليه من المتاركة الكاملة، تقصيًا عن الخلاف؛ والاستفهام على الأول إنكار على عدم النكاح بمعنى الجماع، فإنكار عدم النكاح إقرار له، فيثبت الجماع، وعلى الثاني: استفهام تقرير، بمعنى عدم تلبس لوازمه، يعني به ما يكون بين الزوجين من الانبساط والملامسة، حتى تبقى المتاركة التامة بينهما والمباعدة المحضة.
(فتمعَّر وجهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى ظننا أن) أي أنه (قد وجد) أي غضب (عليهما) وجه التمعر والغضب على الاحتمالين ظاهر، وفي الأول أظهر، فإن فيه مخالفة صريحة للنص، وفي الثاني: موافقة لليهود على خلاف شريعة الإِسلام.
ويحتمل أن سبب التمعُّر والغضب أمر آخر، لم يطلع عليه أنس - رضي الله عنه -،