للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: فَأَقْبَلَ (١) عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ: "هَلْ مِنْكُنَّ مَنْ تُحَدِّثُ" فَسَكَتْنَ، فَجَثَتْ فتاةٌ (٢) عَلَى إِحْدَى رُكْبَتَيْهَا، وَتَطَاوَلَتْ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَرَاهَا وَيسْمَعَ كَلَامَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ لَيَتَحَدَّثُونَ وَإِنَّهُنَّ لَيَتَحَدَّثْنَهُ، فَقَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ مَا مَثَلُ ذَلِكَ؟ "، فَقَالَ: "إِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ شَيْطَانَةٍ لَقِيَتْ شَيْطَانًا في السِّكَّةِ، فَقَضَى مِنْهَا حَاجَتَهُ وَالنَاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ،

===

(قال) أي أبو هريرة: (فأقبل على النساء، فقال) أي للنساء: (هل منكن من تحدث؟ ) أي سرَّها في النساء (فسكتْن) أي لم يجبن، (فجَثَتْ) أي جلست على ركبتها (فَتَاةٌ) أي امرأةٌ شابةٌ (على إحدى ركبتيها، وتطاولت) أي عنقها (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليراها) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ويسمعَ كلامَها، فقالت: يا رسول الله إنهم) أي الرب (ليتحدثون) فيما بينهم (وإنهن) أي النساء (ليتحدثنه) فيما بينهن مثل ما قلت.

(فقال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (هل تدرون ما مَثَلُ ذلك) في القبح والافتضاح؟ (فقال: إنما مثل ذلك مَثَلُ شيطانةٍ لقيتْ شيطانًا في السِّكة) أي في الطريق الذي يمر فيه الناس، (فقضى) أي الشيطان (منها) أي من الشيطانة (حاجته) أي جامعها في مرأى من الناس (والناس ينظرون إليه).

قال الشوكاني (٣): والحديثان يدلان على تحريم إفشاء أحد الزوجين لما يقع بينهما من أمور الجماع، وذلك لأن كون الفاعل لذلك من أشَرِّ الناس، وكونه بمنزلة شيطان لقي شيطانة، فقضى حاجته والناس ينظرون من أعظم الأدلة الدالة على تحريم نشر أحد الزوجين للأسرار الواقعة بينهما، الراجعة إلى الوطء ومقدماته، فإن مجرد فعل المكروه لا يصير به فاعله من الأشرار، فضلًا عن كونه من أشرهم، وكذلك الجماع بمرأى من الناس لا شك في تحريمه.


(١) في نسخة: "ثم أقبل".
(٢) زاد في نسخة: "قال مؤمل في حديثه: فتاة كَعَابٌ".
(٣) "نيل الأوطار" (٤/ ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>