للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وأجاب ابن الهمام في "فتح القدير" (١) عن الحديث فقال: ونحن نقول: إنه إذا اختار من اختاره الشرع دفع له، لكن الوقوف على ذلك متعذر بتخيير غيره - صلى الله عليه وسلم - مع دعائه، فيجب بعده - صلى الله عليه وسلم - اعتبار مظنة النظرية، وهو فيما قلنا، انتهى.

وقال في "البدائع" (٢) (٣): ولنا ما روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال للأم: "أنتِ أحق به ما لم تنكحي"، ولم يخير، ولأن تخيير الصبي ليس بحكمة؛ لأنه لغلبة هواه يميل إلى اللذة الحاضرة من الفراغ، والكسل، والهرب من الكُتَّاب، وتعلم آداب النفس، ومعالم الدين، فيختار شر الأبوين، وهو الذي يهمله ولا يؤدبه.

وأما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فالمراد منه التخيير في حق البالغ؛ لأنها قالت: "نفعني وسقاني من بئر أبي عنبة".

ومعنى قولها: "نفعني" أي كسب عليَّ، والبالغ هو الذي يقدر على الكسب، وقد قيل: إن بئر أبي عنبة بالمدينة لا يمكن الصغير الاستقاء منه، فدل على أن المراد منه التخيير في حق البالغ، ونحن به نقول: إن الصبي إذا بلغ يخيَّر.


(١) "فتح القدير" (٤/ ٣٣٦).
(٢) "بدائع الصنائع" (٣/ ٤٦١، ٤٥٨).
(٣) هذا الكلام قاله صاحب "البدائع" في حق الحضانة، وذكره الشيخ ها هنا -أي في مسألة ولاية الكافر على المسلم- لأنه لا فرق عندنا في الحضانة بين المسلمة والكافرة، صرح بذلك في "الدر المختار" (٥/ ٢٦٤)، و"البدائع" (٣/ ٤٥٨)، و"الهداية" (٢/ ٢٨٤).
وقال ابن الهمام (٤/ ٣٣٠، ٣٣١): ، قال الشافعي وأحمد ورواية عن مالك: لا حضانة لها (أي الذمية). والمشهور عن مالك كقولنا، انتهى.
وقال الموفق (١١/ ٤١٢): لا تثبت الحضانة لكافر على مسلم، وبهذا قال الشافعي ومالك، وقال ابن القاسم وأصحاب الرأي: تثبت له؛ لحديث رافع هذا، ولنا أنها ولاية، فلا تثبت لكافر على مسلم، وفي الحديث مقال، ويحتمل أنه عليه السلام علم أنها تختار أباها بدعوته. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>