للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

باب الوصية بالزوجات أن يمكَّن من السكنى في بيوت أزواجهم حولًا كاملًا إن اخترن ذلك، ولهذا قال: {وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ}، أي: يوصيكم الله بهن.

وقد أخرج ابن جرير في "تفسيره" (١)، والبخاري في "صحيحه"، ولفظ ابن جرير عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}، قال: كانت هذه للمعتدة تعتد عند أهل زوجها واجبًا ذلك عليها، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} إلى قوله: {مَعْرُوفٍ}، قال: جعل الله لهم تمام السنة سبعة أشهر وعشرين ليلة وصية، إن شاءت سكنت في وصيتها، وإن شاءت خرجت، وهو قول الله تعالى ذكره: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}. قال: والعدة كما هي واجبة.

ثم أخرج من طريق المثنى بسند أبى داود عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن ابن عباس، أنه قال: نسخت هذه الآية عدتها عند أهلها (٢) تعتد حيث شاءت، وهو قول الله: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ}، قال عطاء: "إن شاءت اعتدت عند أهله وسكنت في وصيتها، وإن شاءت خرجت لقول الله تعالى ذكره: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ}، قال عطاء: جاء الميراث بنسخ السكنى، تعتد حيث شاءت ولا سكنى.

قلت: فالحاصل أن في بيان هاتين الآيتين اختلف أصحاب ابن عباس - رضي الله عنهما-، فالجمهور على أن آية الوصية {إِلَى الْحَوْلِ} كانت متقدمة، ثم نزلت آية: {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}، فنسخت هذه الآية حكم الوصية إلى الحول.


(١) "تفسير الطبري" (٢/ ٦٩٥ - ٦٩٦) سورة البقرة: الآية ٢٣٤، ٢٤٠.
(٢) هكذا في الأصل، وفي "تفسير الطبري": "عند أهله".

<<  <  ج: ص:  >  >>