للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال في "الدرجات" (١): هذا يحمل على قوله: "إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم"، وقال البيهقي (٢): هذا أرجح (٣)، فإنه محمول عند عوام أهل العلم على أنه - صلى الله عليه وسلم - علم أن المنادي كان ينادي قبل طلوع الفجر بحيث يقع شربه قبل طلوع الفجر، انتهى.

وقال القاري (٤): وهذا إذا علم أو ظن عدم الطلوع، وقال ابن الملك: هذا إذا لم يعلم طلوع الصبح، أما إذا علم أنه قد طلع أو شك فيه فلا.

قلت: والأولى في تأويل هذا الحديث عندي أن يقال: إن في هذا القول أشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أن تحريم الأكل متعلق بالفجر لا بالأذان، فإن المؤذن قد يبادر بالأذان قبل الفجر، فلا عبرة بالأذان إذا لم يعلم طلوع الفجر، وهذا الحكم للعارفين بالفجر، وأما العوام الذين لا يعرفون فعليهم بالاحتياط، والله تعالى أعلم.

ثم أقول: إن هذا الحديث محمول على قول من اعتبر في المنع عن الأكل والشرب تبين الفجر لا طلوعه، فإن هذا الحديث يحمل على وفق هذا القول، فإن الأذان يشرع على أول طلوع الفجر، وهو ليس بمانع من الأكل والشرب، بل المانع هو تبين الفجر.

وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه - رحمه الله تعالى-: قوله: "إذا سمع أحدكم النداء ... إلخ"، إن كان المراد بالنداء نداء المغرب فالمعنى ظاهر، وهو أنه لا ينبغي له أن ينتظر بعد الغروب شيئًا من تمام النداء أو غيره، بل يجب له المسارعة في الإفطار، وإن أريد بها نداء صلاة الفجر، فالمعنى أن النداء لا يعتدُّ به، وإنما المناط هو الفجر، فلو أذَّن المؤذن والصائم


(١) (ص ١٠٣).
(٢) "السنن الكبرى" (٤/ ٢١٨).
(٣) كذا في الأصل، وفي "السنن الكبرى": هذا إن صح فهو محمول ... إلخ.
(٤) "مرقاة المفاتيح" (٤/ ٤٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>