للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ (١): "إِنِّى لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّى أُطْعَمُ وَأُسْقَى". [خ ١٩٦٢، م ١١٠٢، حم ٢/ ١١٢]

===

عن أداء غيره من الطاعات، فقيل: النهي للتحريم، وقيل: للتنزيه، قال القاضي: والظاهر الأول، انتهى. ويؤيد الثاني ما روته عائشة أنه - صلى الله عليه وسلم - نهاهم عن الوصال رحمةً لهم، وقيل: هو صوم السنَّة من غير أن يفطر الأيام المنهية، ويرده ما ورد عليه من السؤال.

وقال في "البحر الرائق" (٢): ومن المكروه صوم يوم الشك على ما سنذكره إن شاء الله تعالى، ومنه صوم الوصال، وقد فسره أبو يوسف ومحمد بصوم يومين لا فطر بينهما (٣).

(قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله! قال: إني لست كهيئتكم)، وفي رواية: "وأيكم مثلي؟ " (إني أطعم وأسقى)، ولفظ رواية أخرى: "إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني"، قال القاضي: أراد بقوله: "وأيكم مثلي؟ " الفرق بينه وبين غيره, لأنه تعالى يفيض (٤) عليه ما يسد مسد طعامه وشرابه من حيث إنه


(١) في نسخة: "فقال".
(٢) (٢/ ٢٧٨).
(٣) وقال النووي (٤/ ٢٢٩): اتفق أصحابنا على النهي عن الوصال، وهو صوم يومين فصاعدًا من غير أكل وشرب بينهما، ونص الشافعي على الكراهة، وفيه وجهان، أصحهما: أنه كراهة تحريم، والثاني: تنزيه، قال عياض: واختلفوا فيه، فقيل: النهي رحمة، فمن قدر فلا حرج، وأباح إلى السحر أحمد وإسحاق، وعن الأكثرين الكراهة ... إلخ. وقال الأبي في "شرح مسلم" (٤/ ٣٨): كرهه مالك ولو إلى السحر، والأصح أن النهي على التحريم. (ش).
(٤) وقد بسط الحافظ في "الفتح" (٤/ ٢٠٨) الكلام على شرح الحديث، وفي آخره: ويحتمل أن يكون المراد بقوله: "ويطعمني ويسقيني"، أي: يشغلني بالتفكر في عظمته تعالى، والتملي بمشاهدته، والتغذي بمعارفه، وقرة العين بمحبته، والاستغراق في مناجاته، والإقبال عليه عن الطعام والشراب، وإلى هذا جنح ابن القيم، انتهى.
وفي "التقرير": الظاهر أن المراد بذلك بقاء القوة، فقد ورد مثل ذلك في المرضى، أو يمكن أن يراد الحقيقة، ولا يفسد به الصوم لتفاوت الأحكام فيما هناك، أو الإطعام في الليل. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>