وهناك ما نلتقطه من كلماته عن بعض رواته، وما في رسالته إلى أهل مكة، وهي رسالة لا يستغني عنها باحثٌ في مراتب أحاديث كتاب أبي في داود كما يقوله شيخنا الكوثري، فيقول:
ولا أعلم شيئًا بعد القرآن ألزم للناس أن يتعلَّموا مِن هذا الكتاب.
ويقول: والأحاديث التي وضعتها في كتاب "السنن" أكثرها مشاهير.
ويقول: وإن من الأحاديث في كتاب "السنن" ما ليس بمتصل، وهو مرسل ومدلَّس، وهو إذا لم توجد الصحاح عند خاصة أهل الحديث على معنى أنه متصل، إلى أن قال: وأما ما في كتاب السنن من هذا النحو فقليل.
ويقول أبو بكر بن داسة: سمعت أبا داود يقول: كتبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسمائة ألف حديث، وانتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب "السنن" جمعتُ فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث، ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه ... إلخ. حكاه الخطيب في "تاريخه".
ويزيد عليه أبو داود نفسه في رسالته إلى أهل مكة:"ونحو ستمائة حديث من المراسيل ... " إلخ.
ويقول في رسالته:"ولم أكتب في الباب إلَّا حديثًا أو حديثين وإن كان في الباب أحاديث صحاح لأنه يكثر، وإنما أردت قرب منفعته".
ويقول:"ليس في كتاب "السنن" الذي صنَّفته عن رجل متروك الحديث شيء، وإذا كان فيه حديث بيّنت أنه منكر"، انتهى.
قال الراقم: ويقول الحافظ ابن رجب في "شرح علل الترمذي" - كما حكاه الكوثري -: مراده أنه لم يخرج لمتروكِ الحديثِ عنده على ما ظهر له، أو لمتروك متفق على تركه، فإنه قد أخرج لمن قد قيل فيه: إنه متروك ... إلخ.