للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ: "إِنَّكُمْ تُصَبِّحُونَ عَدُوَّكُمْ، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ فَأَفْطِرُوا"، فَكَانَتْ عَزِيمَةً (١) مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: ثُمَّ لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَصُومُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ ذَلِكَ وَبَعْدَ ذَلِكَ. [م ١١٢٠، حم ٥/ ٣٥، خزيمة ٢٠٢٣، ن ٢٣١٠، ت ٧١٢]

===

المنزل الأول (فقال: إنكم تصبِّحون) من التفعيل أي تلاقون في الصباح (عدوكم، والفطر أقوى لكم فأفطروا، فكانت عزيمة) أي إيجابًا (من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بصيغة الأمر، والأول كانت رخصة.

(قال أبو سعيد: ثم لقد رأيتني)، ولفظة "ثم" هذا لتراخي البيان (أصوم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل ذلك وبعد ذلك)، فكانت عزيمة الإفطار مختصة بهذه الأيام للقوة على جهاد الكفار، فالحاصل: أن صوم رمضان في السفر والإفطار كلاهما جائزان، فمن شاء صام ومن شاء أفطر.

قال الشوكاني في "النيل" (٢): فيه دليل على أن الفطر لمن وصل في سفر إلى موضع قريب من العدو أولى، لأنه ربما وصل إليهم العدو إلى ذلك الموضع الذي هو مظنة ملاقاة العدو، ولهذا كان الإفطار أولى، ولم يتحتم، وأما إذا كان لقاء العدو متحققًا؛ فالإفطار عزيمة، لأن الصائم يضعف عن منازلة الأقران، ولا سيما عند غليان مراجل الضراب والطعان.

(فائدة): المسافة التي يباح الإفطار فيها هي المسافة التي يباح القصر فيها، والخلاف هنا كالخلاف هناك.

فإن قلت: ظاهر هذا الحديث يدل على أن الأمر بالفطر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لأجل لقاء العدو لا للسفر، فهل للغازي إذا تيقن لقاء العدو وخاف الضعف أن يفطر في الحضر أم لا؟


(١) في نسخة: "عزمة".
(٢) "نيل الأوطار" (٣/ ٢٠١، ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>