(أن عثمان) بن عفان (دعا بماء فتوضأ) أي أراد الوضوء، أو يقال: أجمل أولاً ثم فصَّله، فقال:(فأفرغ) أي صَبَّ (بيده اليمنى على اليسرى) ثم ضمَّ معها اليمنى، (ثم غسلهما إلى الكوعين) أي الرسغين، (قال: ثم مضمض واستنشق ثلاثًا، وذكر الوضوء) أي غسل أعضاء الوضوء (ثلاثًا، قال: ومسح برأسه) ولم يذكر فيه عددًا، وهذا يدل على أن المسح كان مرة واحدة (ثم غسل رجليه) ولم يذكر فيه عددًا، ولكن المراد ثلاثًا، لأنه ذكر قبيل ذلك: وذكر الوضوء ثلاثًا، فهذا يدل على أن غسل الرجلين كان ثلاثًا.
(وقال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ مثل ما رأيتموني توضأت، ثم ساق) أي عبيد الله، فالظاهر أن ضمير الفاعل في "ساق" يرجع إلى عبيد الله بن أبي زياد, لأن طبقة عبيد الله والزهري متقاربة، ولأن غرض المصنف بهذا الكلام الإشارة إلى أن رواية عبيد الله بن أبي زياد وإن كان فيه ضعف، لكنها لما وافقت رواية الزهري صار ضعفها مغتفرًا، وبلغت مرتبة الاحتجاج، فما قال صاحب "غاية المقصود" وتبعه صاحب "عون المعبود" بإرجاع الضمير إلى أبي علقمة، فعندي غير موجه لأن طبقتهما متفاوتة جدًا (نحو حديث الزهري وأتم)(١). وقد أخرج الدارقطني في "سننه" هذه الرواية مفصَّلة تصدق قول المصنف بأنها أتم من رواية الزهرى، من شاء فليرجع إليها.
(١) وفي "التقرير": فعل ماض، أي: أورده تمامًا، أو أفعل تفضيل. (ش).