للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الحاجة إليه، كَأَنْ يدهم العدو، ويتعين على من عينه الإمام، ويتأدى فرض الكفاية بفعله في السنَّة مرة عند الجمهور.

ومن حجتهم أن الجزية تجب بدلًا عنه، ولا تجب في السنَّة أكثر من مرة اتفاقًا، فليكن بدلها كذلك، وقيل: يجب كلما أمكن وهو قوي، والذي يظهر أنه استمر على ما كان عليه في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن تكاملت فتوح معظم البلاد، وانتشر الإسلام في أقطار الأرض، ثم صار إلى ما تقدم ذكره، والتحقيق أيضًا أن جنس جهاد الكفار متعين على كل مسلم، إما بيده وإما بلسانه وإما بماله وإما بقبله، قاله الحافظ.

وقال في "الهداية" (١): الجهاد فرض على الكفاية (٢) إذا قام به فريق من الناس سقط عن الباقين، فإن لم يقم به أحد أثم جميع الناس بتركه؛ إلَّا أن يكون النفير عامًا فحينئذ يصير من فروض الأعيان لقوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} (٣) الآية.

وفي "الذخيرة": فإن جاءه النفير إنما يصير فرض عين على من يقرب من العدو على الجهاد، وأما من يبعد عن العدو، فعليهم فرض كفاية حتى يسعهم تركه إذا لم يحتج إليهم، أما إذا احتيج إليهم بأن عجز من كان بقرب العدو، أو تكاسلوا، أو لم يجاهدوا، فإنه يفترض على كل من يليهم فرض عين، وهكذا إلى أن يفترض على جميع أهل الإسلام شرقًا وغربًا.

والمناسبة بين كتاب الجهاد وكتاب الصوم والاعتكاف بأن فيهما أيضًا مجاهدة النفس، فناسب إيراد كتاب الجهاد عقبهما، فإن المسلم يجاهد نفسه أولًا فيُهذِّبُها وُيمرِّنها، ثم يجاهد الكفار.


(١) (١/ ٣٧٨).
(٢) وهل يشترط له وجود الزاد والراحلة، سيأتي في "باب الرجل يتحمل". (ش).
(٣) سورة التوبة: الآية ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>