للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَى آخِرِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهِ". [حم ٥/ ٤١٣]

===

أي الأجير فقط (إلى آخر قطرة من دمه) لا الغازي في سبيل الله إلى أن يقتل.

قال ابن الملك: أفاده به أنه لم يكن له جهاد كسائر الأجير، إذا لم يقصد لغزوه إلَّا الجعل المشروط، والمراد: المبالغة في نفي ثواب الغزو عن مثل هذا الشخص.

قال القاري: واختلفوا في جواز أخذ الجعل على الجهاد، فرخص فيه الزهري، ومالك، وأصحاب (١) أبي حنيفة، ولم يجوزه قوم، وقال الشافعي: لا يجوز أن يغزو بجعل، فإن أخذه فعليه رده (٢).

وقال الحافظ (٣): قال ابن بطال: إن أخرج الرجل من ماله شيئًا فتطوع به، أو أعان المغازي على غزوه بفرس ونحوها فلا نزاع فيه؛ وإنما اختلفوا فيما إذا آجر نفسه أو فرسه في الغزو، فكره ذلك مالك، وكره أن يأخذ جعلًا على أن يتقدم إلى الحصن، وكره أصحاب أبي حنيفة الجعائل إلَّا إن كان بالمسلمين ضعف، وليس في بيت المال شيء، وقالوا: إن أعان بعضهم بعضًا جاز لا على وجه البدل، وقال الشافعي: لا يجوز أن يغزو بجعل يأخذوه، وإنما يجوز من السلطان دون غيره, لأن الجهاد فرض كفاية، فمن فعله وقع عن الفرض، ولا يجوز أن يستحق على غيره عوضًا، هكذا قال العيني (٤).

وقال الحافظ في باب آخر (٥): للأجير في الغزو حالان: إما أن يكون استؤجر للخدمة، أو استؤجر ليقاتل، فالأول قال الأوزاعي وأحمد وإسحاق:


(١) وفي "السير الكبير": أن طلب الدنيا على نوعين، الأول: أن يكون مقصودًا، فذاك هوذا، والثاني: تبعًا، فلا بأس به: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٩٨]. (ش).
(٢) انظر: "مرقاة المفاتيح" (٧/ ٤٠٣، ٤٠٤).
(٣) "فتح الباري" (٦/ ١٢٥).
(٤) انظر: "عمدة القاري" (١٠/ ٢٨٨).
(٥) "فتح الباري" (٦/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>