من الإبل صنفًا، وهو نجيبات سمان يسوقها الرجل معه في سفره، فلا يركبها ولا يحتاج إليها في حمل متاعه، ثم إنه يمر بأخيه المسلم قد انقطع به من الضعف والعجز فلا يحمله، وعين التابعي صنفًا من البيوت وهو الأقفاص المحلاة بالديباج، يريد بها المحامل التي يتخذها المترفون في الأسفار.
قال الأشرف: وليس في الحديث ما يدل عليه، بل نظم الحديث دليل على أن جميعه إلى قوله:"فلم أرها" من متن الحديث ومن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعلى هذا فمعناه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: فأما إبل الشياطين فقد رأيتها إلى قوله: "فلا يحمله"، وأما بيوت الشياطين فلم أرها، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ير من الهوادج المستورة بالديباج، والمحامل التي يأخذها المترفون في الأسفار، ومما يدل على ما ذكرنا قول الراوي بعد قوله:"فلم أرها": كان سعيد يقول ... إلخ.
قال الطيبي (١): هذا توجيه غير موجه يعرف بأدنى تأمل، والتوجيه ما عليه كلام القاضي، انتهى.
ولا يخفى أن ظاهر العبارة مع الأشرف، ويحتاج إلى العدول عنه إلى نقل صريح أو دليل صحيح، وليس للتأمل فيه مدخل إلَّا مع وجود أحدهما فتأمل، فإنه موضع زلل، اللَّهُمَّ إلَّا أن يثبت بقوله:"يكون" فإن الظاهر منه أنه للاستقبال، كما أشرنا إليه أولًا، فحينئذ لا يلائمه أن يكون قوله:"فأما الإبل فقد رأيتها" من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل يتعين أن يكون قول غيره، فلما نسب آخر الحديث إلى التابعي تبين أن تفصيل أوله راجع إلى الصحابي، فيصح الاستدلال، ويزول الإشكال، والله أعلم بالحال.