للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ, فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ: بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ

===

فعلى هذا "فإلى" ها هنا حد للمتروك من غسل اليدين لا للمغسول، قال الزمخشري: لفظ "إلى" يفيد معنى الغاية مطلقًا، فأما دخولها في الحكم وخروجها فأمر يدور مع الدليل، وقوله تعالى: {إِلَى الْمَرَافِقِ} لا دليل فيه على أحد من الأمرين، فأخذ العلماء بالاحتياط ووقف زفر مع المتيقن.

ويمكن أن يستدل لدخولهما بفعله - صلى الله عليه وسلم -، ففي الدارقطني (١) بإسناد حسن من حديث عثمان: فغسل يديه مع المرفقين حتى مسَّ أطراف العضدين، وفيه عن جابر: كان إذا توضأ أدار الماء على المرفقين، لكن إسناده ضعيف، وفي البزار والطبراني (٢) من حديث وائل بن حجر: وغسل ذراعيه حتى جاوز المرفق، وفي "الطحاوي" و"الطبراني" من حديث ثعلبة بن عباد عن أبيه مرفوعًا: ثم غسل ذراعيه حتى يسيل الماء على مرفقيه، فكان فعله بياناً لمجمل الكتاب، والمجمل إذا التحق به البيان يصير مفسرًا من الأصل.

وقال الشافعي في "الأم": لا أعلم مخالفًا في إيجاب دخول المرفقين في الوضوء، فعلى هذا فزفر محجوج بالإجماع قبله. وكذا من قال بذلك من أهل الظاهر بعده، كذا قال الحافظ (٣).

(ثم مسح رأسه بيديه، فأقبل بهما (٤) وأدبر)، وهذا تفسير لمسح الرأس باليدين، أي فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باليدين وأدبر بهما، ثم فسَّر الإقبال والإدبار بقوله: (بدأ بمقدم رأسه) يعني بدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمسح


(١) "سنن الدارقطني" (ح ٢٧٤ - ٢٧٢).
(٢) "المعجم الكبير" (٢٢/ ٤٩ - ٥١)، وانظر: "مجمع الزوائد" (١١٧٨).
(٣) "فتح الباري" (١/ ٢٩٢).
(٤) قال صاحب "الغاية": له ثلاثة معان ثم بسطها، قلت: بوَّب الترمذي البداية بمؤخر =

<<  <  ج: ص:  >  >>