للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقال الحافظ (١): أشار إلى تفرد ابن وهب برفعها عن مالك، وليس كذلك، فقد تابعه عبد الرحمن وابن مهدي، عن مالك عند ابن ماجه بلفظ: "مخافة أن يناله العدو"، ولم يجعله قول مالك، وقد رفعها ابن إسحاق أيضًا عند أحمد، والليث وأيوب عند مسلم، فصح أن التعليل مرفوع وليس بمدرج، ولعل مالكًا كان يجزم برفعه، ثم صار يشك فيه، فجعله من تفسير نفسه.

قال ابن عبد البر (٢): أجمع الفقهاء (٣) أن لا يسافر بالمصحف في السرايا والعسكر الصغير المخوف عليه، وفي الكبير المأمون خلاف، فمنع مالك أيضًا مطلقًا، وفصل أبو حنيفة، وأدار الشافعي الكراهة مع الخوف وجودًا وعدمًا، واستدل به على منع بيع المصحف من الكافر للعلة المذكورة فيه، وهو التمكن من استهانته، ولا خلاف في تحريم ذلك، وإنما اختلف هل يصح لو وقع ويؤمر بإزالة ملكه أم لا؟

واستدل به على منع تعليم الكافر القرآن، وبه قال مالك مطلقًا، وأجازه أبو حنيفة مطلقًا، وعن الشافعي القولان، وفصل بعض المالكية بين القليل لأجل مصلحة قيام الحجة عليهم، فأجازه، وبين الكثير فمنعه، ويؤيده كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل بعض آيات.

ونقل النووي (٤) الاتفاق على جواز الكتابة إليهم مثله، زاد بعضهم منع بيع


(١) "فتح الباري" (٦/ ١٣٥).
(٢) انظر: "الاستذكار" (١٣/ ٥١).
(٣) وكذا قال ابن رشد في "البداية" (١/ ٣١٠): إن عامة الفقهاء على أنه لا يجوز، وقال أبو حنيفة: يجوز إذا كان في العساكر المأمونة ... إلخ، وفي عامة الفروع التفريق بين السَّرِيَّة والعساكر مع الاختلاف في تحديدهما، كما في "البحر الرائق" (٥/ ٨٣)، و"الشامي" (٦/ ٢١١). (ش).
(٤) "شرح صحيح مسلم" (٧/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>