للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَحَضْرَمَوْتَ مَا يَخَافُ إِلَّا اللَّه وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَعْجَلُونَ" (١). [خ ٣٦١٢، سنن النسائي الكبرى ٨٥٩٣، حم ٥/ ١٠٩ - ١١٠]

===

صنعاء اليمن وبينها وبين حضرموت من اليمن أيضًا مسافة بعيدة نحو خمسة أيام، ويحتمل أن يريد صنعاء الشام، والمسافة بينهما أبعد بكثير، والأول أقرب (وحضرموت) - بالفتح ثم السكون وفتح الراء والميم- وهي ناحية واسعة في شرقي عدن بقرب البحر، وحولها رمال كثيرة، تعرف بالأحقاف، وبها قبر هود عليه السلام، وبين حضرموت وصنعاء اثنان وسبعون فرسخًا، وقيل: مسيرة أحد عشر يومًا (ما يخاف إلَّا الله) أي: لا يخاف أحد من الناس (والذئب على غنمه، ولكنكم تعجلون).

قال الحافظ (٢): قال ابن بطال: إنما لم يُجِب النبي - صلى الله عليه وسلم - لسؤال خباب ومن معه بالدعاء على الكفار مع قوله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (٣)، وقوله: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} (٤)؛ لأنه علم أنه قد سبق القدر بما جرى عليهم من البلوى ليؤجروا عليها، كما جرت به عادة الله تعالى في أتباع الأنبياء، فصبروا على الشدة في ذات الله، ثم كانت لهم العاقبة بالنصر وجزيل الأجر، قال: فأما غير الأنبياء فواجب عليهم الدعاء عند كل نازلة، لأنهم لم يطلعوا على ما اطلع عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، انتهى.

وقال ابن بطال: أجمعوا على أن من اكره على الكفر، واختار القتل أنه أعظم أجرًا عند الله ممن اختار الرخصة، وأما غير الكفر فإن أكره على أكل الخنزير وشرب الخمر مثلًا، فالفعل أولى، وقال بعض المالكية: بل يأثم إن منع من أكل غيرها، فإنه يصير كالمضطر على أكل الميتة إذا خاف على نفسه الموت فلم يأكل.


(١) في نسخة: "تُعَجِّلُون".
(٢) "فتح الباري" (١٢/ ٣١٦ - ٣١٧).
(٣) سورة غافر: الآية ٦٠.
(٤) سورة الأنعام: الآية ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>