للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فكسته بيعة الشيخ وصحبته وتوجُّهاته الروحية القلبية أنفاسًا نقيّة وأخلاقًا زكيًّة وأعمالًا رضيًّة وإخلاصًا عظيمًا، حتى أصبح عارفًا بعد ما كان عالمًا، وأصبح خير خلف لسلفه في إخلاص وتقوى ورد بدع ونشر سنّة.

وبقي عاكفًا على تدريس علوم شتّى في شتّى المراكز العلمية في "بهوفال"، و"سكندرآباد"، و"بهاولفور"، و"بريلي"، ثم "ديوبند"، ثم "سهارنفور" نحو خمسين عامًا، يدرِّس ويؤلِّف ويرشد ويخدم العلم والدِّين بشتّى الوسائل، فأصبح عالمًا عارفًا فقيهًا محدِّثًا.

وكان وسيم الطلعة جميل المحيّا، يملأ العين جمالًا والقلب سرورًا، وكان لطيف الروح خفيف الجسم ربعًا من الرجال خفيف اللحية.

قد تشرَّفتُ بزيارته المغتبطة نحو ساعة في مجلس بـ "ديوبند" حينما زار "ديوبند" مستودعًا الشيخ الحافظ أحمد ابن الشيخ القاسم النانوتوي والشيخ حبيب الرحمن الديوبندي قبل رحلته الأخيرة إلى الحرمين الشريفين، وتشرَّفتُ بالمصافحة وتقبيل يديه الكريمتين، وكأنَّ الشيخ ماثل أمامي انظر إليه بعينيّ، وذلك في شعبان سنة ١٣٤٤ هـ قبل خمسين عامًا إلَّا عامًا.

فقد جمع الله سبحانه مع هذا الجمال الظاهر جمال الباطن، وجمع له مع علوم الظاهر علوم الباطن مع توفيق إلهي دائم مستمرّ بإخلاص ونشاط، حتى كان آخر حياته المباركة في خير بقاع الأرض "طيبة النبي" - عليه صلوات الله وسلامه -، وهناك توفي رحمه الله في ربيع الآخر سنة ١٣٤٦ هـ عن سبع وسبعين سنة، ودُفِن بالبقيع في جوار سيِّدنا ذي النورين عثمان بن عفّان - رضي الله عنه - بجنب شيخه الشيخ عبد الغني المجددي المهاجر المدني.

ففاز بحياة طيِّبة ملؤها علم ودين ومعرفة وإرشاد، تدريس وتأليف، أذكار وأشغال، وذبّ عن الدِّين وإحياء للسُّنة وإماتة للبدع، وغضب في الله وحمية دينية لله، لا يخاف في الله لومة لائم، مجتهدًا في خدمة العلم والدِّين بطرف غير نائم وفكر مستمر دائم.

<<  <  ج: ص:  >  >>