للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقُلْتُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ! يَا أَبَا جَهْلٍ! قَدْ أَخْزَى اللَّهُ الأَخِرَ, قَالَ: وَلَا أَهَابُهُ عِنْدَ ذَلِكَ, فَقَالَ: أَبْعَدُ (١) مِنْ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ؟ فَضَرَبْتُهُ بِسَيْفٍ غَيْرِ طَائِلٍ, فَلَمْ يُغْنِ شَيْئًا حَتَّى سَقَطَ سَيْفُهُ مِنْ يَدِهِ ,فَضَرَبْتُهُ بِهِ حَتَّى بَرَدَ". [حم ١/ ٤٠٣، ع ٥٢٦٣، ق ٩/ ٦٢، طب ٨٤٦٨]

===

أي: بالسيف (فقلت: يا عدو الله! يا أبا جهل! قد أخزى الله) أي: أذل (الأَخِر) بفتح الهمزة وكسر الخاء، أي: الأبعد للتأخر عن الخير.

(قال) أي ابن مسعود: (ولا أهابه) أي: أبا جهل (عند ذلك) أي في ذلك الوقت لأنه كان صريعًا (فقال) أبو جهل: (أبعد (٢) من رجل قتله قومه؟ ) بتقدير الاستفهام، نقل في الحاشية عن الخطابي (٣): هكذا رواه أبو داود وهو غلط، وإنما الصحيح: "هو أعمد من رجل" بالميم بعد العين، وهي كلمة للعرب معناها كأنه يقول: هل زاد على رجل قتله قومه، يهوِّن على نفسه ما حل به من الهلاك.

وقال في "النهاية" (٤): كذا جاء في أبي داود: "أبعد ومعناها: أنهى وأبلغ؛ لأن الشيء المتناهي في نوعه يقال: قد أبعد فيه، وهذا أمر بعيد، أي: لا يقطع مثله لعظمته، والمعنى أنك استعظمت شأني واستبعدت قتلي، فهل هو أبعد من رجل قتله قومه، والروايات الصحيحة: "أعمد" بالميم بمعنى أعجب، أي: أعجب من رجل قتله قومه، تقول: أنا أعمد من كذا، أي: أعجب منه.

(فضربته بسيف غير طائل، فلم يغن) أي: لم ينفع (شيئًا حتى سقط سيفه) أي: أبي جهل (من يده، فضربته به) أي: بسيف أبي جهل (حتى برد) أي مات، وفيه الدلالة على الترجمة، فإن ابن مسعود استعمل في قتله سيف أبي جهل.


(١) في نسخة: "أعمد".
(٢) ولفظ مسلم: "هل فوق"، والظاهر عندي لا تحريف في أبي داود، فإن لفظ "أبعد" بمعنى "فوق" [انظر: "صحيح مسلم" (١٨٠٠)]. (ش).
(٣) "معالم السنن" (٢/ ٢٩٩).
(٤) "النهاية" (١/ ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>