للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وأما قول الحنفية في ذلك فما قال في "السير الكبير" (١): ولو أن رجلًا غلَّ شيئًا من الغنائم، ثم ندم، فأتى به الإِمام بعد القسمة وتفرق الجيش، فللإمام في ذلك رأيٌ، إن شاء كذبه فيما قال، وقال: أنا لا أعرف صدقك، وقد التزمت وبالًا بزعمك، وأنت أبصر بما التزمته حتى توصل الحق إلى المستحق، وإن شاء أخذ ذلك منه، وجعل خمسه لمن سمَّى الله تعالى, لأنه وجد المال في يده، وصاحب المال مصدق شرعًا فيما يخبر به من حال ما في يده، وباعتبار صدقه خمسه لأرباب الخمس فيصرف إليهم، والباقي يكون بمنزلة اللقطة في يده إن طمع أن يقدر على أهله، فالحكم فيه ما ذكرنا، وإن لم يطمع في ذلك قسمه بين المساكين إن أحب، والَّا جعله موقوفًا في بيت المال، وكتب عليه أمره وشأنه.

ولو أن صاحب الغلول لم يأت به الإِمام، ولكنه تاب من الغلول، وهو في يده، فإن لم يطمع في أن يقدر على أهله، فالمستحب له أن يتصدق به هو، وإن طمع في ذلك فالحكم فيه ما هو الحكم في اللقطة في جميع ما ذكرنا.

ورفعه ذلك للإمام أحب إلى كما هو الحكم في اللقطة أيضًا، وبعد ما رفعه إليه فالإمام بالخيار في تصدقه إلَّا أنه ينبغي له أن لا يدع الخمس في يده, لأنه قد أقر أن خمس ما في يده لمن سمَّى الله تعالى في كتابه، وإقراره فيما في يده


= فمقتضى المذهب أن يؤدي خمسه إلى الإِمام، ويتصدق بما بقي، وبه قال مالك والثوري وغيرهما، وقال الشافعي: لا أعرف للصدقة وجهًا، واستدل بذلك، والعجب من الموفق استدل على خلاف ذلك بآثار الصحابة. [انظر: "المغني" (١٣/ ١٧١)]. (ش).
(١) قلت: لكنهم قالوا: ما فضل من الطعام والعلف وغيرهما إن أتى به قبل القسمة رده في المغنم، وبعد القسمة تصدقوا به إن كانوا أغنياء، وانتفعوا به إن كانوا محاويج، كذا في "فتح القدير" (٥/ ٤٧٩)، فما الفارق؟ وهكذا حكم صاحب "السير" (٢/ ٢٦٩) فيمن ملك أسيرًا ومعه مال إن تفرق الغانمون، وذلك لا يحتمل القسمة لقلته، فليتصدق به، ويظهر الفرق من كلامه في موضع آخر بين التخميس وغيره (٣/ ٢١). (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>