والذي يظهر لي أن الرواية المشهورة صواب وليست بخطأ، وذلك أن هذا الكلام وقع على جواب إحدى الكلمتين للأخرى (١)، والهاء هي التي عوض بها عن واو القسم، وذلك أن العرب تقول في القسم:"آلله لأفعلن" بمد الهمزة وقصرها، فكأنهم عوضوا عن الهمزة هاء، فقالوا:"هاالله" لتقارب مخرجيهما.
وأما إذًا فهي بلا شك حرف جواب وتعليل، وهي مثل التي وقعت في قوله - صلى الله عليه وسلم - وقد سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال:"أينقص الرطب إذا جف؟ " قالوا: نعم، قال:"فلا إذًا"، فلو قال:"فلا والله إذًا" لكان مساويًا لما وقع هنا، وهو قوله:"لاها الله إذًا" من كل وجه، لكنه لم يحتج هناك إلى القسم فتركه، فقد وضح تقدير الكلام ومناسبته واستقامته معنى ووضعًا من غير حاجة إلى تكلف بعيد يخرج عن البلاغة.
ثم أثبت وقوع مثل هذا الكلام في أحاديث مختلفة متعددة، ثم قال في آخره: وإنما أطلت في هذا الموضع لأنَّني منذ طلبت [الحديث] ووقفت على كلام الخطابي وقعت عندي منه نفرة للإقدام على تخطئة الروايات الثابتة، خصوصًا ما في "الصحيحين"، فما زلت أتطلب المخلص من ذلك إلى أن ظفرت بما ذكرته، فرأيت إثباته كله هنا، والله الموفق.
(يعمد) أي: يقصد، بتقدير همزة الاستفهام للإنكار، ولفظ "البخاري": "لا يعمد" بحرف لا النافية (إلي أسد) أي إلى رجل كأنه أسد في الشجاعة (من أسد الله يقاتل عن الله) أي: عن دينه (وعن رسوله) فيأخذ حقه (فيعطيك سلبه؟ ) بغيرطيب من نفسه.
(فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صدق) أي أبو بكر (فأعطه) أي: أبا قتادة (إياه)