للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَفَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ: «نَعَمْ, وَالَّذِى نَفْسُ (١) مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّهُ لَفَتْحٌ» ,

===

فقال رجل) قال الشيخ ابن القيم في "زاد المعاد" (٢): فقال عمر: أَوَفَتْحٌ هو يا رسول الله؟ (يا رسول الله، أفتح هو؟ قال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (نعم) ثم أكده بالحلف؛ لأنه لم يكن على ظاهره فتحًا، بل ذلة وهزيمة، كما أشار إليه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "لِمَ نعطي الدَّنِيَّةَ في ديننا"؟

(والذي نفس محمد بيده إنه) أي الصلح في الحديبية على ما اشترطوا (لفتح) عظيم، وقد فسر قوله تعالى: {فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} (٣)، هو صلح الحديبية بقول الزهري، فما فتح في الإِسلام فتح قبله كان أعظم منه، إنما كان القتال حيث التقى الناس، فلما كانت الهدنة، ووضعت الحرب، وأمن الناس، كلَّم بعضهم بعضًا، والتقوا، فتفاوضوا في الحديث والمنازعة، فلم يكلَّم أحد في الإِسلام يعقل شيئًا إلا دخل فيه، وقد دخل في تينك السنتين مثل من كان في الإِسلام قبل ذلك أو أكثر، أو يقال: إن المراد من الفتح فتح مكة، فمعنى الكلام أن صلح الحديبية سبب لفتح مكة وذريعة إليه.

ثم أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة حين رجع من الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم، ثم خرج في بقية المحرم إلى خيبر، ففتحها حصنًا حصنًا، فكان أول حصونهم افتتح حصن ناعم، ثم القموص حصن بني أبي الحقيق، وأصاب منهم سبايا، منهم صفية بنت حيي بن أخطب، فاصطفاها لنفسه، وفتح الله عليه حصن صغب بن معاذ، وما بخيبر حصن أكثر طعامًا وودكًا منه، وكان آخر حصون أهل خيبر افتتاحًا الوطيح والسلالم، فحاصرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضع عشرة ليلة،


(١) في نسخة: "نفسي بيده".
(٢) انظر: "زاد المعاد" (٣/ ٢٩٦).
(٣) سورة الفتح: الآية ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>