فقلت: لا، قال: لِمَ؟ قلت: إني رأيت قومك ولعوا بك، قال: فكيف بلغك عن مصارعهم ببدر؟ قلت: قد بلغني، قال: فإنا نهدي لك، قلت: إن تغلب على الكعبة وتقطنها، قال: لعلك إن عشت ترى ذلك، ثم قال: يا بلال! خذ حقيبة الرجل، فزوده من العجوة، فلما أدبرت، قال: أما إنه من خير فرسان بني عامر، قال: فوالله إني بأهلي بالغور إذ أقبل راكب، فقلت: ما فعل الناس؟ قال: والله قد غلب محمد بالكعبة وقطنها، قلت: هبلتني أمي ولو أسلم يومئذ ثم أسأله الحيرة لأقطَعَنيها".
ومناسبة الحديث بالباب بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رضي بأن يعطي المختارة من دروع بدر بابن القرحاء، فيذهب بها إلى دار الحرب، فاستفيد منه جواز حمل السلاح إلى أرض العدو.
وأما عندنا الحنفية فلا يجوز أن يحمل المسلم إلى أرض العدو من الكراع والسلاح والسبي والحديد، وهو المنقول عن إبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح وعمر بن عبد العزيز - رضي الله عنهم-، وهذا لأنهم يتقوون بالكراع والسلاح على قتال المسلمين، وقد أمرنا بكسر شوكتهم، وقتل مقاتلتهم بدفع فتنة محاربتهم، كما قال الله تعالى:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}(١)، فعرفنا أنه لا رخصة في تقويتهم على محاربة المسلمين، وهذا السبي والحديد، وإن السبي إما أن يقاتل بنفسه، أو يكون منهم من يقاتل، وتقويتهم بالمقاتل فوق تقويتهم بآلة القتال والحديد المصنوع منه وغير المصنوع في كراهية الحمل إليهم سواء، لأنه أصل السلاح.
والحكم الثابت فيما يحصل من أصل يكون ثابتًا في الأصل، وإن لم يوجد فيه ذلك المعنى، ألا ترى أن المحرم إذا كسر بيض الصيد يلزمه الجزاء لما يلزمه بقتل الصيد، إلَّا أنه لا بأس بذلك في الطعام والثياب، ونحو ذلك لحديث ثمامة