للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ومنهم من روى ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان، ولكن هذا غير صحيح، فإنه حكي أن المعتضد سأل أبا حازم القاضي عن هذه المسألة، فقال: أجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير زيد بن ثابت على توريث ذوي الأرحام، ولا يعتد بقوله بمقابلة إجماعهم، وقال المعتضد: أليس يروى ذلك عن أبي بكر الصديق، وعمر، وعثمان - رضي الله عنهم-، فقال: كلا، وقد كذب من روى ذلك عنهم، وأمر المعتضد برد ما كان في بيت المال، مما أخذ من تركة من كان ورثه من ذوي الأرحام، وقد صدق أبو حازم فيما قال.

وقد روي عن أبي بكر أنه قال: لا أتأسَّفُ على شيء كتأسفي على أني لم أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثلاث: عن هذا الأمر أهو فينا فنتمسَّك به، أم في غيرنا فنسلم إليه؟ وعن الأنصار هل لهم من هذا الأمر شيء؟ وعن توريث ذوي الأرحام؟ فإني لم أسمع فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، ولكن ورَّثتهم برأيي.

وأما الاختلاف بين التابعين فمن قال بتوريثهم: شريح، والحسن، وابن سيرين، وعطاء، ومجاهد، وممن قال: إنهم لا يرثون: سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير.

وأما الفقهاء فممن قال بتوريثهم: أبو حنيفة (١) وأبو يوسف، ومحمد، وزفر، وعيسى بن أبان، وأهل التنزيل، وهم علقمة، والشعبي، ومسروق، ونعيم بن حماد، وأبو نعيم، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وشريك، والحسن بن زياد، وإنما سُمُّوا أهل التنزيل لأنهم ينزلون المدلى بمنزلة المدلى به في الاستحقاق، وممن قال: لا يرثون: سفيان الثوري ومالك والشافعي (٢).

أما من نفى توريثهم استدل بآيات المواريث بأن الله سبحانه لم يذكر لذوي الأرحام شيئًا، وما كان ربك نسيًّا، وأيضًا توريثهم زيادة على كتاب الله، وذلك


(١) وكذا قال أحمد، وكذا في "الميزان" للشعراني (٣/ ١٥٨). (ش).
(٢) وداود والأوزاعي، كذا في "الميزان" (٣/ ١٥٨). (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>