للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ومسح الرأس، وداخل الأنف والفم ليس من جملتها، أما ما سوى الوجه فظاهر، وكذا الوجه لأنه اسم لما يواجه إليه عادة، وداخل الأنف والفم لا يواجه إليه بكل حال، فلا يجب غسله بخلاف باب الجنابة؛ لأن الواجب هناك تطهير البدن بقوله تعالى: ({وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (١)، أي: طهروا أبدانكم، فيجب غسل ما يمكن غسله من غير حرج ظاهرًا كان أو باطنًا، ومواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهما في الوضوء دليل السنية دون الفرضية، فإنه كان يواظب على سنن العبادات.

وأما الأحاديث التي استدل بها القائلون بالوجوب فأجاب الجمهور عنه أن الأمر للندب بدليل ما رواه الترمذي محسنًا، والحاكم مصححًا من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "توضأ كما أمرك الله، فاغسل وجهك ويديك، وامسح رأسك، واغسل رجليك"، ولم يذكر فيه المضمضة والاستنشاق، فهو نص على أن المراد كما أمرك الله في خصوص آية الوضوء لا ما هو أعم من آية الوضوء، فهو دليل صريح على أن المضمضة والاستنشاق ليستا بواجبتين، وأن صيغة الأمر التي وردت فيها هي للندب، وأيضًا يمكن الاستدلال على عدم الوجوب في الوضوء بحديث: "عشر من سنن المرسلين" وذكر فيه المضمضة، وأيضًا بحديث ابن عباس مرفوعًا بلفظ: "المضمضة والاستنشاق سنَّة" رواه الدارقطني، وقال الحافظ في "الفتح" (٢): وذكر ابن المنذر أن الشافعي لم يحتج على عدم وجوب الاستنشاق مع صحة الأمر به إلَّا بكونه لا يعلم خلافًا في أن تاركه لايعيد، انتهى.


(١) سورة المائدة: الآية ٦.
(٢) (١/ ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>