للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وفي "المجمع" (١) عن "التوسط": ومنه "توضأ وعليه عمامة قطرية" هو بكسر قاف فسكون طاء، واستدل به على التعمم بالحمرة، وفيه إبقاء العمامة حال الوضوء، وهو يرد على كثير من الموسوسين ينزعون عمائمهم عند الوضوء، وهو من التعمق المنهي عنه، وكل الخير في الاتباع، وكل الشر في الابتداع.

قلت: وهذا الذي قاله في "التوسط" من أن كل الخير في الاتباع وكل الشر في الابتداع على الرأس والعين، وأما الذي قاله من أن نزع العمامة عند الوضوء من التعمق المنهي عنه فغير مسلَّم، أما أولًا فإن الحديث الذي يستدل بها على إبقاء العمامة على الرأس عند المسح في الوضوء حديث ضعيف لا يحتج به، وأما ثانيًا فإن الذين ينزعون عمائمهم عند الوضوء غرضهم استيعاب الرأس بالمسح، وهو مأمور به ومطلوب ومندوب إليه شرعًا، فكيف يكون ابتداعًا وتعمقًا منهيًا عنه.

وأما الذي فعله - صلى الله عليه وسلم - من إبقاء العمامة على رأسه عند مسحه، فكان مسحه - صلى الله عليه وسلم - لبعض الرأس، كما يدل عليه آخر هذا الحديث من قوله: "فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه"، وهذا يدل ظاهرًا على أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يستوعب الرأس بالمسح، فلا يدل على أن إبقاءه - صلى الله عليه وسلم - العمامة على الرأس عند المسح كان لوجوبه بل كان لبيان الجواز، والذين ينزعون عمائمهم عند المسح لا يوجبون النزع، فليت شعري كيف يكون هذا تعمقًا وابتداعًا في الدين، وكيف يخرج هذا من الاتباع بل هو عين الاتباع، فلا يغتر بما قاله صاحب "التوسط"، ونقل عنه ابن طاهر صاحب "المجمع"، وعنه صاحب "غاية المقصود"، والله ولي التوفيق.


(١) (٤/ ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>